سبتمبر، شهر الحج الأكبر - ساعة الأرض المقدسة التي توحدت فيها الأمم
إذا كان الموسم المقدس يمتد لثلاثة أشهر، فإن شهر سبتمبر يمثل قلبه النابض وتاجه المتلألئ. إنه الشهر الذي تتوافق فيه ذروة احتفالات الحصاد والشكر في أعظم حضارات العالم بشكل مذهل، ليصبح بحق "شهر الحج الأكبر العالمي". فالحج العربي في مكة لم يكن إلا تعبيراً فريداً عن شعور إنساني كوني كان يتردد صداه في نفس اللحظة من روما غرباً إلى الصين شرقاً.
لننظر في هذا التوافق العجيب في شهر سبتمبر:
الحضارة العيد/الاحتفال في سبتمبر المعنى والوظيفة في سبتمبر
العرب الحج الأكبر (ذو الحجة) ذروة الموسم، اجتماع الأمة، تجديد العهد، الشكر على الرخاء والأمن.
الإمبراطورية الرومانية ألعاب رومانا (Ludi Romani) نهاية موسم الحرب، شكر الإله جوبيتر، سلام عام واحتفالات كبرى.
الإغريق (اليونان) أسرار إليوسيس الكبرى (أواخر سبتمبر) عيد الحصاد والخصوبة، تأمل في دورة الحياة والموت، تطهير روحي عميق.
الفرس (الزرادشتية) "مهرجان" (Mehregan) (أواخر سبتمبر) عيد الشكر على الحصاد، تجديد العهود والمواثيق، يوم المحبة والصداقة.
حضارة الصين عيد منتصف الخريف (عيد القمر) عيد الحصاد الأكبر، اجتماع العائلة (لم الشمل)، الشكر على الوفرة.
الحبشة (مملكة أكسوم) عيد مسكل (نهاية سبتمبر) عيد الشكر على انتهاء الأمطار، عيد النور والنار، احتفال بالحصاد.
حضارة الأزتيك (المكسيك) "أوتش بانيزتلي" (Ochpaniztli) عيد الحصاد الكبير، وطقوس التطهير المادي والروحي استعداداً للدورة الجديدة.
شعوب القِلْط (أوروبا) مابون (عيد الاعتدال الخريفي) عيد الشكر على حصاد الفاكهة، والاحتفال بالتوازن الكوني بين النور والظلام.
لحن كوني واحد
إن الناظر في هذا الجدول يرى بوضوح أن البشرية كانت تعزف لحناً واحداً بأدوات مختلفة. ففي سبتمبر، شهر الحج الأكبر، كانت تتكرر نفس المواضيع المقدسة:
• الشكر والامتنان: على عطاء الأرض ورزق السماء.
• السلام والأمان: بوقف الحروب والنزاعات وتأمين الطرق.
• الاجتماع ولم الشمل: سواء كان حجاً دينياً، أو احتفالاً رسمياً، أو لقاءً عائلياً.
• التجديد الروحي: بتطهير النفس وتجديد العهود استعداداً لدورة جديدة.
إنها ساعة زمنية عجيبة، تجلت فيها حكمة الله في خلقه، وألهمت كل الأمم على اختلاف ألسنتها وألوانها أن تعظم ذات الفترة من السنة. فيا للعجب، ويا للأسف، أن يتوه عن هذا الإيقاع الكوني الفطري قومنا المتأخرون دون عن كل الأمم في كل مصر وعصر، بعد أن جاءهم من الله كتاب يؤكد هذا النظام ويصفه بأنه "الدين القيم".
الفصل الرابع: أسماء الشهور بين الأصل اللغوي والادعاء التاريخي فيما يسمى ( اسماء الشهور الجاهلية(
توحي هذه الكلمة و كأنما هناك اسماء شهور جاهلية و شهور اسلامية كأنما هذه الاسماء بدأت بعد الاسلام ( كجماد الأولى و الآخرة – وربيع الأولى و الآخرة و رمضان ...إلخ)
و هذا خطأ بين فالقرآن يقول الحج أشهر معلومات و هذا يدل على انهن معلومات اسما و ميقاتا و كما كان العرب يحسبون ميقاتهم و يعرفونهم فهم كما هما ولاجديد انها كلمة قليلة لكنها تؤصل أصلا و تنسف باطلا في لحظة فلا تتغير في اسماء الشهور و لا يوجد ما يسمى اسماء الشهور الجاهلية و اسماء الشهور الاسلامية فرمضان هو رمضان لدى العرب منذ بدأت تكون الوعي و اللغة و الفصاحة النبطية
وقبل الخوض في حقيقة أسماء الشهور العربية قبل الإسلام، لا بد من تأسيس منهج نقدي للتعامل مع المصادر. إن دراسة التاريخ، خاصة التاريخ اللغوي والثقافي لفترة ما قبل تدوين التاريخ، يعتمد بشكل أساسي على أدلة مادية كالنقوش والمخطوطات، وليس على المرويات المتأخرة التي قد تكون عرضة للتحريف. وقد أشار مفكرون كبار، على رأسهم الأديب طه حسين في أبحاثه حول الشعر الجاهلي، إلى أن الكثير من الموروث الأدبي المنسوب لتلك الحقبة هو في حقيقته منتحل، وله أغراض سياسية وثقافية. من هذا المنطلق، فإن القرآن الكريم نفسه هو أصدق وثيقة تاريخية ولغوية يمكننا من خلالها استشفاف أحوال العرب وأخبارهم ولغتهم في تلك الفترة.
فهل كان العرب قبل الإسلام لا يعرفون أسماء الشهور التي نعرفها اليوم؟ وهل كانت أسماء مثل "ناتق" و"مؤتمر" هي الأسماء الأصلية التي تم استبدالها لاحقًا؟
شهادة القرآن الحاسمة: "شهر رمضان" اسم معلوم لا محدث إن أقوى دليل ينسف فكرة أن أسماء الشهور الحالية هي أسماء إسلامية مبتدعة، هو النص القرآني نفسه. يقول الله تعالى في معرض حديثه عن إنزال القرآن:
"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ..." (البقرة: 185)
إن خطاب القرآن هنا موجه مباشرة إلى العرب في زمنه. عندما يذكر "شهر رمضان"، فهو يشير إلى اسم معروف ومفهوم ومستخدم لديهم. لو كان اسمه الحقيقي "ناتق" واسم "رمضان" اسمًا جديدًا، لكان من الضروري بيانه وتوضيحه، لكن القرآن يذكره كأمر مُسلّم به. هذه الشهادة القرآنية وحدها كافية لإثبات أن "رمضان" كان هو الاسم الأصيل والمعتمد لهذا الشهر قبل الإسلام.
منطق اللغة: المرادفات كأوصاف لا كبدائل إن الادعاء بوجود أسماء أخرى للشهور لا يتعارض بالضرورة مع أصالة الأسماء الحالية، إذا فهمنا طبيعة اللغة العربية الثرية. فالعرب، كأمة تمكنت من اللغة، كانوا يسمون الشيء الواحد بأسماء شتى ليس كبدائل، بل كمرادفات وصفية تعبر عن حالة معينة. فللأسد مئات الأسماء، كل اسم يصفه في حالة (الضرغام، الليث، الغضنفر)، وكذلك للجمل والسيف. من هذا المنطلق، يمكننا النظر إلى الأسماء "الجاهلية" المزعومة ليس كأسماء أصلية تم استبدالها، بل كألقاب أو صفات كانت تُطلق على الشهور لوصف طابعها المناخي أو الوظيفي، وهي في الحقيقة تعزز نظريتنا في التقويم الفصلي.
ملحق (2): تحليل الأسماء المدعاة كألقاب فصلية
لنرَ الآن الأسماء المنسوبة للشهور في الجاهلية وكيف تدعم نظريتنا كمرادفات فصلية:
الشهر الإسلامي (الاسم الرسمي) الاسم "الجاهلي" المزعوم (الاسم الوصفي) التحليل كمرادف فصلي (وفق نظريتنا)
مُحرّم مُؤْتَمِر اسم وصفي دقيق. فبعد انتهاء موسم الحج والتجارة، يأتمر الناس ويعقدون العزم على العودة إلى ديارهم. إنه شهر "ائتمار" وبدء رحلة العودة الآمنة.
صَفَرْ نَاجِر من "النَّجْر"، وهو شدة الحر والعطش. وهذا يتوافق مع كونه شهرًا صيفيًا متأخرًا، حيث تكون حرارة الصيف قد استمرت طويلاً وأنهكت الأرض.
ربيع الأول خَوَّان أو خِوَّان من "التخوين"، وهو تغير الحال. وهو وصف دقيق للخريف، حيث يتغير الجو من حرارة الصيف إلى بداية البرودة والمطر، وتتغير حالة الأرض من الجفاف إلى الاستعداد للإنبات.
ربيع الآخر وَبْصَان أو بُصَان من "الوميض" أو "البصيص"، أي بداية ظهور الشيء. وهو وصف لبداية ظهور العشب والبصيص الأخضر بعد أمطار الخريف (الوسم).
جمادى الأولى الحَنِين اسم عجيب، ولكنه قد يعني "حنين" الإبل إلى مرعاها الربيعي الذي فارقته، أو حنين الناس إلى دفء الربيع في بداية اشتداد البرد.
جمادى الآخرة رُبَّى أو رُنَّى قد تكون من "الرُّبَّة" أي الجماعة، حيث تجتمع القبائل وتتجمع حول مواقد النار في ذروة البرد، أو من "التربّي" أي الإقامة الطويلة في مكان واحد لشدة البرد.
رَجَب الأصَمّ لأنه لا يُسمع فيه صوت السلاح، في إشارة لقدسيته. هذا لا يتعارض مع كونه شهر "الترجيب" الزراعي، فالعمل الزراعي يتطلب سلامًا وأمنًا.
شعبان عَاذِل قد تكون من "العذل" أي اللوم، حيث يلوم من قعد عن التشعب والبحث عن الكلأ من خرجوا، أو قد يكون له معنى آخر ضاع في ثنايا التاريخ.
رمضان نَاتِق من "النتق"، أي الزعزعة والتحريك الشديد. وهو وصف دقيق لبداية الصيف حيث تزعزع شدة الحرارة كل شيء، وتجعل الأرض "تنتق" من الجفاف.
شوال وَعِل من "الوَعْل" وهو الملجأ في الجبل. بعد موسم الحصاد في شوال، يلجأ الناس إلى حصونهم ومخازنهم لحماية محاصيلهم، أو قد يكون الاسم إشارة إلى قوة القبائل وثروتها بعد الحصاد.
ذو القعدة هَوَاع أو رُنَة "الهواع" قد يشير إلى صوت الإبل وحركتها في بداية الاستعداد للسفر. و"الرنة" قد تكون رنة السيوف التي يتم تجهيزها استعدادًا للحماية في السفر.
ذو الحجة بُرَك من "البركة" و"البروك". إنه شهر "البركة" حيث تجتمع الأرزاق والتجارة، وشهر "بروك" الإبل في مكة بعد رحلة طويلة.
القسم الثاني:
مقدمة منهجية: بين سيادة المنهج القرآني واختلاف المرويات إن المبدأ الأول الذي ينطلق منه هذا البحث هو مبدأ إيماني خالص: التشريع والحكم حقٌ لله تعالى وحده، ولا يُؤخذ من أي مصدر آخر سواه. فالقرآن هو النص الوحيد المحفوظ والمعصوم من الاختلاف، والذي يتحدى البشرية بقوله: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا" (النساء: 82). من هذا المنطلق، نتعامل مع النصوص المنسوبة للسنة النبوية، والتي دُوّنت بعد قرون من الوحي، باعتبارها وثائق تاريخية بشرية، لا نصوصًا تشريعية مقدسة. وعندما نعرضها على ميزان القرآن، نجد فيها بالفعل ذلك "الاختلاف الكثير" الذي يثبت بشريتها وتأثرها بالظروف السياسية والفكرية لعصور تدوينها.
لذلك، فإن منهجنا واضح: نحن لا نأخذ من هذه الكتب تشريعًا أو عقيدة. بل نقرأها قراءة نقدية استقرائية، لنبحث في ثناياها عن الحقائق المادية التي يصعب تلفيقها، كبصمات الأصابع في مسرح جريمة. أبرز هذه الحقائق هي التوقيتات المناخية للأحداث الكبرى، فهي التفاصيل العفوية التي سجلها الرواة دون أن يدركوا أنها ستحمل في طياتها دليل براءة التقويم القرآني الأصيل، وإدانة للتحريف الذي وقع لاحقًا.
سلسلة الأدلة: استقراء مادي يمتد لـ 33 عامًا إن أقوى دليل مادي من قلب هذه النصوص التاريخية على ثبات رمضان في موسم الحر، يكمن في تحليل سلسلة من الأحداث الكبرى التي تمتد من السنة الثانية للهجرة إلى الخامسة والثلاثين.
المناخ كشاهد تاريخي
يسعى هذا البحث إلى ما هو أبعد من مجرد السرد القصصي، حيث يهدف إلى بناء حجة علمية مدفوعة بالبيانات، باستخدام "البصمات المناخية" المتناثرة في المصادر الأولية كنقاط بيانات. تتجلى هذه البصمات في الإشارات إلى الحرارة، العطش، القيظ ,الرمض. السؤال المحوري الذي يطرحه هذا البحث هو: هل يمكن تجميع هذه الإشارات المتفرقة في مصادرنا التراثية لتشكيل خط زمني مناخي متماسك لشهر رمضان في الفترة الممتدة بين عامي 2 هـ و35 هـ؟ إن هذا المنهج يحول النصوص من مجرد سجلات للأحداث إلى شهود على البيئة التي وقعت فيها.
سيُبرهن هذا التقرير على أنه تشير مجموعة كبيرة ومقنعة من الأدلة إلى أن "تكتلاً" من رمضانات الفترة المدروسة (2 هـ - 35 هـ) قد وقع كله في فصل الصيف دون دوران (بدايات الصيف والقيظ و الحر الشديد)، فالبيانات عند تحليلها تحتوي على مؤشرات حاسمة تدعم نظرية "الصيف المستمر" بشكل عجيب الأدلة، ، و ترسم خطا واضحة للحال المناخية لرمضان على مدار 33 عاماً في صدر الإسلام، لم يدور مما يثبت أن حقيقة الانجراف الفصلي للتقويم القمري. بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه و أن صدر الإسلام كان أشهره ثابتة .
و قبل أن نبدأ في عرض الأدلة يجب أن نرسخ المنهج العلمي الذي اتبعناه لتحديد التقاويم و مصادر التقويم الإسلامي
أولا : فكرة التقويم النسبي للسنين
أغلب الأمم عربا و عجما كان التقويم لديهم ينقسم إلى جزئين جزئ متعلق بالأيام و الشهور و جزء متعلق بالسنين النسبية
أما بالنسبة لجزء الأيام و الشهور
فكل الأمم المتحضرة شرقا و غربا كانت تعتمد نظاما لحساب التقويم لمعرفة مواقيت شؤونها على مستوى دوران الشهور نسبة للسنة يعني يعرفون صيفهم من شتائهم بناء على مرور تلك الشهور المرتبطة بالفصول السنوية و الثابتة معها ..قال الله تعالى يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس و الحج ..فهي مواقيت كرحلة الشتاء و الصيف التي وردت في سورة قريش و كأوقات الشيل و الحصاد و التشعب لطلب الماء و الرعي في أوقات يعرف بها الناس شؤونهم الفصلية و الموسمية للاستعداد لها و الانتفاع بها و التمييز فيها بين أيامهم على مستوى الأحداث
و هناك ميزة في التقويم الشمس قمري أنها يجعل الشخص البسيط العامي يعرف أين هو موضعه في الشهر في أوله أو منتصفه أو أخره بناء على مشاهدة القمر و منازله وهو أوضح الأجرام السماوية ليلا فكان النظام الأبسط للعامة في تقدير الايام نسبة للشهور
أما بالنسبة لجزء الخاص بالسنوات فقد كان دائما نسبيا يؤرخ تبعا لأهم الأحداث في وعي الناس أوقات أزمانهم فيقال ولد فلان بعد عام الفيل بعام أو اثنين وهذا في الجاهلية مثلا قبل الاسلام و بعد الاسلام وقبل الهجرة يؤرخ نسبة لعام الحزن وكانت الحضارات البابلية و السبئية و الصفائية و الفرعونية و غيرها تؤرخ تبعا لحياة ملوكهم أو أحداث هامة في تاريخهم و أعظم حدثين يؤرخون في واقعنا المعاصر هما نسبة لمولد المسيح عليه السلام وهو التقويم الميلادي و الأخر الهجري و هو من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة للمدينة فنسبية السنين طارئة حسب عظم الأحداث عموما التي تثبت في وعي أمة ما لتنسب لها مرور السنين و تحسبها إليها
سنقابل في التقويم الهجري مشكلة حسابية و رياضية خطيرة جدا تقف أماما عقبة من أول يوم لدراسته
لتظهر حقيقة تلاعب خطير جدا و تناقض فكما قيل في المثل العامي ( الكذب مالوش رجلين )
و من حظ الأمويون العاثر أنهم لما أرداو تبديل أزمان الناس تطويعا لتحريفهم الديني استدموا بحائط الرياضيات و كانوا لا يحسنونها فكما سنكتب بعد ذلك إن البطن التي كانت مسئولة عن التأريخ و حساب عدد السنين و معروفة بعلمها الدقيق بالفلك و الأيام و المواقيت هم طائفة من بطن من بطون كنانة و ليس من بني أمية تلك الطائفة كانت اسمها القلامسة و قد طمس الأموين دورهم و لم يكن لأمويون اهل حساب فوقعوا في تناقضات خطيرة سنبينها و تظهر من أول ايام التأريخ
يعتمد الأمويون على حديث مروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه – وهو من أكثر ما كذب عليه في الرويات- أنه قال
"الهجرة فرّقت بين الحق والباطل، فأرّخوا بها." و على افتراض صحتها فالمقصود قطعا هو التأريخ النسبي للمقطع المتعلق بالسنين وليس الشهور
ولكي نحدد الإشكلية سنجدها تظهر من أول يوم فلو حسبنا اليوم التاريخ الهجري و رجعنا للوراء للنقطة الصفرية سنجد اتفقا بين المؤرخين و الفلكيين العرب و المستشرقين على أن التاريخ المقابل ل 1 محرم هو 16 يوليو 622م بالتقويم الميلادي أو اليولياني
وهو أهم مصدر ننسب إليه لأنه ولادة التقويم الهجري حدثت بعده و التقويم اليولياني منتظم الحساب من مئات السنين قبل الهجرة فيمكننا البدأ منه
المصادر التي اعتمدت 16 يوليو 622م:
- حسابات أبو الريحان البيروني (القرن 11):
o في كتابه الآثار الباقية، وضع نظامًا فلكيًا لحساب التاريخ الهجري وربطه باليولياني، واعتمد أن 1 محرم 1 هـ يوافق الجمعة 16 يوليو 622 م (يولياني).
o و جعله مرجعًا حسابيًا.
- حسابات علماء غربيين مثل:
o Theodor Nöldeke وKrafft وReingold & Dershowitz (Calendrical Calculations)، الذين طوروا خوارزميات تعتمد على هذه النقطة كمرجعية.
- الإجماع الفلكي الحديث (المعياري):
o معظم مكتبات الحساب الفلكي (مثل NASA وCalendrica وICU وummulqura) تعتمد 16 يوليو 622 م (يولياني) أو 19 يوليو 622 م (غريغوري) كنقطة صفرية.
و التأريخ المؤرخ لدي المؤرخين الذين عاشوا في الكنف الأموي وكانوا أول من أرخ بنظام الأمويين و قعوا في إشكالية خطيرة أوقعتهم في مفارقة خطيرة تناقض منطق بديهي
هم حسبوا الميقات الهجري الذي يعيشون فيه ثم رجعوا للوراء سنة سنة سنة يؤرخون حتى وصلوا لسنة الهجرة و لأن الشهور تتحرك فصادف أمرا غريبا وهو أن الساعة الصفرية لسنة الهجرة النبوية تجعل 1 محرم مساوي ل 16 يوليو 622 م
و عليه تصوروا أن النبي هاجر في شهر صفر و حط رحاله المدينة في شهر بيع الأول وهو قول ابن اسحاق أول المؤرخين في العهد الأموي و تبعه ابن هشام ثم الطبري و غيرهم و قالوا ان النبي هاجر ووصل المدينة في الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول.
و الإشكالية هنا التي تجعلني حائر لماذا اختاروا شهر الهجرة تحديدا ربيع الأول الموافق لشهر سبتمبر 622 م و يهمنا جدا أن ندقق في التوقيت اليولياني لأنه سيكون مرآه فصلية لادعائتهم
و علي هذا التاريخ المدعى سيكون بداية السنة الصفرية قبله بشهرين لان السنة الهجرية أول أشهرها محرم ثم صفر ثم ربيع
ومحرم عموما كان يعد أول السنة حتى في الجاهلية لان بعد انتهاء موسم الحج يقرر القلامسة إن كان سيثنى الشهر أم لا لضبط كبس الأيام في أخر شهر في السنة كما كان دارجا و ثابتا في الأدلة الأثرية و الشواهد التاريخية من الامم القريبة كالعبرانيين
وهنا يأتي السؤال لماذا اختاروا هذا الوقت تحديدا ليكون بداية العام محرم ليرخوا بعده الهجرة لماذا ليس قبلها بشهر أو بعدها بشر ما الذي يجعل من المميز أن يبدأ محرم قبل ربيع الهجرة
فوقت الهجرة قطعا لم يكن هو الساعة صفر يوم محرم فليس منطقيا أن يضبط النبي في صفرية وقت محرم أو ان تكون وقت هجرته وقت كثافة خروج القوافل وسيسهل اكتشاف حركته التتبع و صعوبة التخفي لان الناس كثيرون جدا وهو موسم رجون القبائل بعد ذي الحجة إلى مدارجهم
فالمنطقي أن حين فكر المسلمون التأريخ من سنة الهجرة هو جعل السنة نفسها هي بداية التأريخ و ليس اليوم فقد يكون هاجر في ربيع أو في شوال أو اي شهر
العجيب أنك ستجد المؤرخين يذكرون الشهور و السنين مرتبة تماما من أول العهد الأموي في 80 هجريا وقت التدوين رجوعا بالظهر حتى الساعة صفر و التقويم منضبط تماما دون أي مشاكل متسق شهر شهر سنة سنة حدث حدث و لا إشكالية البتة
وهنا وقعت كارثة لم تكن في حسبان الأثريون و تناقض غريب ولا أعرف كيف خفي عنهم ذلك
إن اتساق التقويم من أول التقويم الهجري ليوم الهجرة أمر وفق روايتهم هم أنفسهم محال تماما إذا أننا نتفق و يتفقون و يتفق كل المؤرخين أنهم ادعوا أن الأمر بإلغاء عملية الكبس و قد لبسوا بفكرة النسيء كما أسلفنا و ليست هي بينما هم ألبسواها لبس النسيء و سموا القلمس نسأ و لم يكن نسأ و النسيء يختلف اختلاف جوهريا عن فعل الكبس زمانا و صفة و جهة وهذا له مكانا
لكن بافتراض ان كل ما يقولون صواب يجب هنا يكون هنا اختلاف بين نظام تأريخهم و نظام اثبات تقويم هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لأن اثبات ادعائهم أن الزمان استدار في حجة الوداع التي يستدلون بها كيوم خلق السموات و الارض فهذا يعني أن ساعة الزمان توافقت بين تقويم العرب الجاهلي و بين ساعة تقويمهم القمري المنجرف الدائر وهذا يستلزم لضبط تواريخ كل وقائع النبي صلى الله والصحابة قبلها من محاولة حجهم قبل الفتح سنة ما كانوا محلقين وحج الصحابة من بعد كان في وقت غير الحج الصحيح وكذلك صومهم رمضان لم يكن صحيحا لان تأريخات الأمويون تقول أن إلغاء الكبس إنما وقع في العام العاشر من الهجرة حيث وافق تقويم الجاهلية تقويم الحقيقة التي اهتدوا لها و ضل عنها كل الأنبياء و العرب و الحضارات قبلهم بل ضل عنها النبي قبلها وكانت مواسم ومواقيت حجة و عبادتهم خاطئة بزعمهم لانهم كانوا لم يعرفوا ان الكبس خطأ وكفر حتى يوم حجة الوداع ولو قلنا تنزلا قولهم هذا هو هو عظيم فادعاء أن الغاء الكبس حدث 10 هجريا فبقيت مدة طويلة من سنة 1 هجريا ل 10 كان النبي يمشي في تقويم الزمان بما هو من علامات المواقيت أشهر معلومات و أياما معلومات اتضح علمها قرأنيا أنها شيء عالمي صحيح لا يعتاج لإعادة اعلام .فقطعا لم يكن للنبي تأريخ مختلف عن العرب وإلا لاقتضى أن يكون حج النبي و الصحابة في غير موسم حج العرب وهذا شيء من قبيل الجنون إن قلنا به فيكون الصحابة يقاتلون فر رمضانهم بينما في نفس الوقت يقاتل العرب في شوالهم أو ان يرتحل الصحابة للحج في موسم الجفاف فيكون هناك زمانان وهو ما لم يثبت أطلاقا و المتفق عليه أن زمان العرب و المسلمون واحد واذا كانت حادثة تبديل القبلة احتاجت كل هذا الجهد و الفتنة والقبلة هي جزء من الصلاة و الصلاة عبادة خاصة بالشعائر المخصصة للطائفة و لم يكن المشركون لهم علاقة بها واحتاج تغييرها كل هذه الأيات فما بالك بتغيير الزمان كله ليخالف النبي تقويم العرب و العجم و أهل الكتاب و يكون له زمان يحسب به مواقيته غير مواقيتهم وطبعا كل هذا لم يكن موجودا و المؤكد أنه كانت هناك 3 مرات تكبيس على الأقل منذ هجرته صلى الله عليه و سلم حتى وافاته فستفرق ثلاثة أشهر كاملين بين التقويم الصحيح و التقويم المدعي عند الساعة صفر وهذا ما سنراه عيانا من اضطراب مهول في اثبات التواريخ و توفيقها بين الفصول
ومؤكد أن النبي صلى الله وسلم كان تقويمه هو تقويم العرب لم يخالفهم فكانت معركة بدر في رمضان الفريقين فلم يكن له رمضان و لهم رمضان و ثبت أن جنادة رضي الله عنه أخر قلامسة الإسلام قال ان رمضان دائما يأتي في اللظى و الحر كما سنفرد فصل خاص بالقلامسة و دورهم العلمي في صدر الاسلام وكذلك كل مواسم عبادتهم
ولع بعض المهونين يوقولن ما المشكلة يعني أن يهمل المؤرخون ثلاثة أشهر كاملة في النسأ على مدار عشر سنوات انها شيء هين لا تعقد الدنيا هنا أقول لهم امر الزمان ليس عبثا و الثلاثة أشهر تعني أن يحج الناس في رمضان وأن يفطروا وقت الصوم و ان يستبيحوا الأشهر الحرام
وأولا كل أيات الحج تقول ..الحج أشهر معلومات و تقول أياما معلومات ..فكلما معلومات يعني يعملها الناس و يعلمها النبي و لا تحتاج لاعداة اعلام إذا هذا اقرار بصحة تقويم العرب عموما
وخصوصا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأهلة قال يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
فقد رد عليه إن تحديد موعد الأهلة ليس كلمة ورد غطاهة سنقولها في مجلس عابر إنه علم كبير يجب أن يدخل من بابه لا أن يؤتى من ظهره علم يقوم به أهل الفلك و الحساب ممن يعلمون عدد السنين و الحساب
لماذا لسببين أن تلك المواقيت تحدد عبادات خطيرة كالحج فالمواقيت ليست اعتباطية حتى نقول أن المؤرخون طمسوا ادلة الكبس منذ صدر الإسلام قبل حجة الوداع أو اهملوه أو نسوه وهو أمر جلل جدا تتوقف عليه عبادات الناس وليس أمر اعتباطي
ثانيا بنص الأية أن تقوى الله و الفلاح لا تتحق إلا بأتين هذه العلوم من أبوابها و بالتالي بضدها تتبين الأشياء
فمن الفسق و الفشل القفز فوق باب هذه العلوم وأتيان البيوت من ظهورها و الافتئات فيها
ثم ان ادعائهم إن النبي في حجة الوداع كان تقويمه فيه صحيح و قبلها كان يدور يحمل تناقص منطقيا و شرعيا
فمعناه أن قبله مواقيت النبي كانت خاطئة و ضالة و بالتالي عبادته تأتي في غير مواقيتها في مسألة فلكية
و الثاني ادعائهم أن تقويم العرب كان يدور ثم اتفق مع حجة الوداع فوافق الحق فمضى بعدها وهو في الحقيقة وفق ساعتهم الحقة في زعمهم وهو كلام حجة عليهم
فالتقويم عند العرب قبل فعلتهم و ادعائهم هو شمس قمري فصلي ثابت مع الفصول و لم يحدث له دوران على الفصول و جريان و انجراف و اضطراب إلا بعد اداعائهم الأمر بعدم تصحيح السنة
ثم أن ادعائهم هذا ذاته حتى لو افترضانه فيفترض أن يثبتوا فترات الكبس في حياة النبي في المدينة قبل ان ينزل الأمر بإلغاء الكبس بزعمهم أنه نسيء لأنه سيجعل كل مواسم النبي مضطربة وفق تقويهم فسيكون صام مع الجاهليون و النسائون و حج في معهم بل سيقتضي ضلال العرب كلهم من لدن اسماعيل حتى حياة النبي محمد صلى الله عليهم
وحتى لو قلنا بذلك فعدم اثبات الكبس سيجعل التأريخ بيننا و بينهم مغاير فنؤرخ ل السير و المغازي في أوقات مختلفة عن حقيقتها وهو ما سنراه في الأحداث القادمة
وأنا أتعجب جدا جدا أن مع افتراض صحة قولهم كان لابد أن يعالجوا مسألة الكبس في ثلاثة دورات فلكية كاملة على مدةى عشر سنوات ورغم أهمية الموضوع القصوى فتبديل طريقة احتساب الزمان ليس أمرها هين البتة كما نرى
فأول من نادى بالحج ابراهيم عليه السلام وعادة العرب في الحج قديمة و معرفتهم بالأهلة ومواقيت الحج علم يؤتى من بابه عبر القلامسة وعلوم الفلك ..وأقر الاسلام ذلك كله و عضده فالإسلام حين الكلام على العلوم التجريبية تجده أكثر الأديان عملية و إثباتا للعقل و الحجة لاتساق العلم التجريبي و التأملي و التدبري للكون مع الكتاب لأن مصدرهم نفس الخالق ونحن أولى بالعرب و الجاهليون بإقرار علوم الفلك و العلم كما قيل حتى لو ظاهر من الحياة الدنيا فهو منهجه واحد فلن تجد عالم بوذي أو هندي أو أمريكي او مسلم اليوم مثلا ينكر كروية الأرض وأنها كالدحية كرة تميل للتفلطح و البيضوية و أن حركة النهار و الليل مبنية على دوران الأرض و تكورها يكور الليل على النهار و يكور النهار على الليل
وان الحج أشهر معلومات لا تغيير في مواقيتها أو علمها واقرار القلامسة على علومهم في المواقيت وانهم ليسوا أهل النسيئة وهم صناديد القبائل الذين يجتمعون قبل الموسم الحرام
المهم أن عملية اثبات تبديل التقويم و حساب الأزمان في حجة الوداع يستدعي اشتباك ضخم جدا لم يذكروا عنه أي طرف كيف سيحلون مشكلة الكبس و لو كان الغاء التقويم حدث فسيحتاج إلى مداولات ضخمة و ذكر لإلغاء دور القلامسة أو عدم الاعتداد بحسابهم في مرحلة مبكرة جدا جدا من الدعوة لا اتباعهم على كفرهم بزعم الأمويون
فالمواقيت هنا تعبدية الأهلة مواقيت للناس والحج ..وليس مجرد كلمة في حديث ادعي قبيل موت النبي يكفي أن يفك اشتباك كل فترة حياته صلى الله عليه وسلم
ثم نعود للتفاصل ففي التفاصيل تصير المسألة أكثر انفضاحا أن هناك طمس متعمد لاتباع النبي للتقويم العرب في كل حياته
فيفترضون فروضا لا تقبل رياضيا
أولا يتناقضون يقولون أن أول من أرخ نسبة للهجرة هو النبي نفسه وهو يخاطب الملوك
وقالوا كان النبي محمد قد أمر بالتأريخ بعد قدومه إلى يثرب، وقد حدث هذا التأريخ منذ العام الأول للهجرة، كان النبي يُرسل الكتب إلى الملوك والأمراء ورؤساء القبائل المختلفة بتاريخ الهجرة. ونحن لا نختلف في ان نسبية التأريخ للهجرة النبوية من ناحية السنين صحيح بل نسألهم هل كان النبي يؤرخ تبعا لتقويم العرب آن ذاك فهذه المراسلات قبل حجة الوداع قطعا و في مطلع الهجرة فهل كان يكتب التواريخ كما العرب وفق توقيت زمان الناس بأشهره أم كان له تأريخ خاص به كأن يكتب رجب و المشركين يعيشون في عالم موازي في ربيع الأول مثلا
لم يجيب الأثريون على هذه الإشكالية الجوهرية والسؤال هنا إن يؤرخ كما يؤرخ العرب فهل تأريخه هنا توقيفيا ..إذا بطل كل ما زعموه من تغيير بعد وهذا معناه أن النبي كان يقر طريقة الحساب للعرب في المواقيت و إن قالوا لا بل كان يجهل أن هناك مشكلة في التقوييم و كفر ..قلنا لهم وقعتم في طامة أكبر أطوال عمره و أصحابه زمانه ضال يتبع أناس يضلون عن مواقيت الناس و الحج و الصوم و العبادات ..فهم بزعهم سيقعون في إحدى الطامتين
ثم إنهم من ناحية أخرى رغم كونهم ينسبون التأريخ من أول الهجرة للنبي قالوا أن أول من أرخ كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه و لا نعرف هل أول من أرخ النبي للهجرة النبي صلى الله عليه وسلم أم عمر بن الخطاب
وذكروا أثارا كثيرة حيث قالوا (وفي سنة 17 هـ اعتمد الخليفة عمر بن الخطاب التأريخ بداية من غرة شهر محرم من العام الأول للهجرة النبوية، ومما ذُكر في سبب اعتماد عمر للتاريخ أن أبا موسى كتب إلى عمر أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: «أرخ بالمبعث»، وبعضهم: «أرخ بالهجرة»، فقال عمر: «الهجرة فرقت بين الحق والباطل»، فأرخوا بها، فلما اتفقوا قال بعضهم: «ابدءوا برمضان»، فقال عمر: «بل بالمحرم فإنه منصرف الناس من حجهم»، فاتفقوا عليه. وفي رواية أخرى أن أحدهم رفع صكًا لعمر محله شهر شعبان، فقال: «أي شعبان، الماضي أو الذي نحن فيه، أو الآتي؟ ضعوا للناس شيئًا يعرفون فيه حلول ديونهم»، فيُقال إنه أراد بعضهم أن يؤرخوا كما تؤرخ الفرس بملوكهم، كلما هلك ملك أرخوا من تاريخ ولاية الذي بعده، فكرهوا ذلك، ومنهم من قال: «أرخوا بتاريخ الروم من زمان الإسكندر»، فكرهوا ذلك، وقال قائلون: «أرخوا من مولد رسول الله ﷺ»، وقال آخرون: «من مبعثه عليه السلام»، وأشار علي بن أبي طالب وآخرون أن يؤرخ من هجرته من مكة إلى المدينة لظهوره لكل أحد فإنه أظهر من المولد والمبعث. فاستحسن ذلك عمر والصحابة، فأمر عمر أن يؤرخ من هجرة الرسول وأرخوا من أول تلك السنة من محرمها.) اه
بناءً على سيرة ابن هشام والمصادر التاريخية الواردة في نتائج البحث، يُقدم الجدول الزمني التالي لخط سير الهجرة النبوية مع توثيق المصادر:
جدول خط سير الهجرة النبوية
الحدث التاريخ الهجري التاريخ الميلادي المصادر والتفاصيل
مغادرة مكة ليلة 27 صفر سنة 1 هـ 13 سبتمبر 622م غادر النبي ﷺ مكة مع أبي بكر الصديق، وتوجها إلى غار ثور جنوب مكة 28.
المكث في غار ثور 3 ليالٍ (حتى 1 ربيع الأول) 13–16 سبتمبر 622م اختبأا في الغار، وقامت قريش بمطاردتهما دون جدوى. نزلت آية: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 40] 28.
الانطلاق نحو يثرب صباح 1 ربيع الأول سنة 1 هـ 16 سبتمبر 622م غادرا الغار مع الدليل عبد الله بن أريقط، متخذين طريق الساحل غرب المدينة 2.
الوصول إلى قباء 8 ربيع الأول سنة 1 هـ 23 سبتمبر 622م وصل النبي ﷺ إلى ضواحي يثرب (قباء)، وأقام فيها 4 أيام. بنى مسجد قباء، وهو أول مسجد في الإسلام 28.
الدخول إلى المدينة المنورة 12 ربيع الأول سنة 1 هـ 27 سبتمبر 622م دخل النبي ﷺ المدينة وسط استقبال الأنصار، ونزل في دار أبي أيوب الأنصاري 28.
ملاحظات توضيحية:
- الاختلافات في التواريخ:
o تذكر بعض المصادر مثل تاريخ ابن سعد أن المغادرة كانت في 1 ربيع الأول (16 سبتمبر) 2.
o يعتمد الجدول أعلاه على رواية سيرة ابن هشام الأكثر شهرةً 110.
- مسار الرحلة:
o سلك النبي ﷺ طريقاً غير معتاد (غرب المدينة) لتجنب مطاردة قريش 2.
o مرّ الركب بمزارع أم معبد في منطقة "قديد" حيث حلبوا شاةً لم تُدر لبناً قبله 8.
- أهمية قباء:
o مكث النبي ﷺ فيها لتنظيم قدوم المهاجرين، ووصل إليها علي بن أبي طالب بعد مشيٍ على الأقدام 2.
- بداية التقويم الهجري:
o اعتمد عمر بن الخطاب الهجرة بدايةً للتقويم الإسلامي بعد مشورة الصحابة سنة 17 هـ 28.
مصادر الجدول الرئيسية:
• سيرة ابن هشام: تُعد الأساس في تفاصيل الهجرة وتواريخها 110.
• ويكيبيديا (الهجرة النبوية): جمعت روايات متعددة مع الإشارة إلى الاختلافات 2.
• ويكيبيديا (الهجرة في الإسلام): ركزت على الجوانب الشرعية وأدلتها القرآنية 8.
وكما نرى في كل السير و تاريخها مصدرها ابن هشام و ابن هشام مصدره ابن اسحاق و ابن اسحاق من علماء فلك الدولة الأموية الذين أثثوا التأريخ و التراثية كالزهري و غيره .
وجميع هذه الروايات تؤكد ان النبي صلى الله عليه وسلم خروجه كان في صفر ووصله كان في ربيع الأول والاختلافات في الايام طفيفة جدا و بالتالي نستطيع أن نقول أن المؤرخون الأثريون شبه يتفقون أن النبي هاجر وفق تقويمهم في ربيع الأول
وهنا تكون المفارقة الكبرى ربيع الأول يوافق في حسابتهم سبتمبر ميلاديا وهو خطأ تماما من وجهة نظر فصلية فهجرة النبي قطعا لم تحدث بعد إلغاء الكبس و كان تقويم العرب عاديا و سبتمبر يقابله في أشهر العرب شهر الحج ويستحيل أن يرتحل فيه النبي لان كشف حركته أسهل في الجموع ولو كانت هجرة النبي في ربيع أهل الجزيرة الفصلي فشهر ربيع لدى العرب جوه لطيف فربيع العرب يوافق شهر ديسمبر و يناير و لا يتوافق مع وصف وقت الارتحال من روايات تصف نحر الظهيرة و شدة الحر لدرجة أن الناس يختبئون في بيوتهم وهذا لا يحدث في شهر ديسمبر و يناير قطعا كما أن هناك أثر أخر يضحد فكرة أن النبي وصل في ربيع فصليا فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وصل المدينة وقت الحصاد وهذا لا يحدث إلا في شوال و ليس ربيع بأي حال من الأحوال كما أن الحر الشديد وقت الظهيره في المشاهد الأثرية التي توثق لحظة خروج النبي مع ابي بكر تؤكد ذلك
ولتوضيح المسألة بشكل أدق فأولا✳️ رواية الرطب والسعف:
عن أنس قال:
"خرج الناس حين قدم النبي ﷺ حتى إن العواتق لفي البيوت ينظرن إليه، وخرج الناس يقولون: جاء رسول الله، جاء رسول الله، وجعل الناس يأخذون السعف، ويخرجون إليه..."
– [رواه مسلم]
وفي رواية: "نثروا عليه السعف والرُّطب"
🔎 الرُّطب لا يُجنى إلا في فصل الصيف، تحديدًا من شوال حتى أوائل ذي الحجة في المدينة المنورة.
☀️ ثانيًا: المناخ والزراعة في المدينة المنورة
• الرُّطب: ينضج من نهاية رمضان حتى شوال وذي القعدة.
• نثر الرطب والسعف عند قدومه = دلالة على أنه دخل المدينة وقت نضوج الرطب = شوال/ذو القعدة.
• العرب كانوا يربطون أسماء الشهور بالمواسم:
o "رجب" = ترجيب الأسنة (هدنة قبل الحرب – أواخر الشتاء)
o "شعبان" = تَشَعُّب الناس في طلب الماء
o "رمضان" = اشتداد الرمضاء (القيظ)
o "شوال" = وقت الإبل تشول (ترفع ذيلها طلبًا للتزاوج بعد الصيف)
o "ذو القعدة" = القعود عن القتال والحصاد
إذن: وصوله في موسم الرُّطب يرجّح أن الوقت كان شوال أو أوائل ذي القعدة، لا ربيع أول كما في التقويم القمري المجرد.
📆 ثالثًا: التحليل التقويمي
وفق التقويم
• رجب = ابريل
• شعبان=مايو
• رمضان = يونيو
• شوال = يوليو
• وكانت الهجرة في شهر وصول الرطب، فإن شوال هو الأقرب. وهو المطابق فعلا للتأريخ الميلادي المقابل بدقة عجيبة
✅ النتيجة:
• النبي ﷺ دخل المدينة وقت نضج الرُّطب = موسم شوال بالتقويم العربي الموسمي.
• الروايات تدعم ذلك: ذكر الرطب والسعف والاحتفالات الموسمية.
• التقويم القمري الحسابي اللاحق غير متزامن مع هذا الواقع.
• إذًا: الهجرة كانت في شوال، بينما 12 ربيع الأول ما هو إلا تأريخ لاحق في تقويم مفصول عن المناخ.
ثانيا
هجرة النبي محمد: أدلة تشير إلى وقوعها في موسم شديد الحرارة
تشير العديد من الأدلة التاريخية والروايات الواردة في كتب السيرة النبوية إلى أن هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة وقعت في موسم يتسم بالحرارة الشديدة والقيظ. وتستند هذه الاستنتاجات إلى قرائن متعددة، أبرزها التوقيت الزمني للهجرة وخروج النبي في وقت غير معتاد للزيارة، مما يعكس استغلاله للظروف المناخية الحارة لضمان سرية حركته.
من أبرز الأدلة التي يستشهد بها العلماء هو ما ورد في صحيح البخاري وغيره من كتب الحديث والسيرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى بيت أبي بكر الصديق رضي الله عنه في وقت الظهيرة، وهو وقت لم يكن من عادته أن يزوره فيه. تقول السيدة عائشة رضي الله عنها في الحديث الطويل الذي يروي قصة الهجرة: "فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا، في ساعة لم يكن يأتينا فيها".
وكلمة "نحر الظهيرة" تشير إلى وقت اشتداد الحر في منتصف النهار، حيث يلزم الناس بيوتهم لاتقاء وهج الشمس. واختيار النبي صلى الله عليه وسلم لهذا التوقيت بالذات لم يكن مصادفة، بل كان جزءًا من التخطيط الدقيق للهجرة، لكي لا يراه أحد من كفار قريش الذين كانوا يترصدون به.
وهنا نجد المفارقة سبب كل هذا الخلط و الاختلاف الكثير أن مؤرخي بني أمية لا كانوا أهل حساب و فلك و لا يعرفون شيءا عن القلمسية ولا أوقات الناس و زمانهم كما كان العرب في الجاهلية يعملون و لا حتى كانوا أهل زراعة و لا حتى أهل رعي
فلم يعرفوا أن اثبات أن النبي هاجر في ربيعة ثم اثبات أن ذلك كان وقت ظهور الرطب يتناقض تماما فلا يوجد رطب في الربيع
و في العصور القديمة وقت الرطب وقت ضيق جدا لا يكون إلا في زمن الحصاد في شهر شوال و ذي القعدة ولا يمكن بحال ان يوجد في غير هذا الوقت وإلا لفسد تماما فهو بقية السنة يجففوه و يتحول لتمر ولم يكن طبعا لديهم ثلاجات عظيمة كاليوم ليخزنوه من شوال شهر الحصاد حتى حضور النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي يلية في ربيع هذا عبث فالتناقضات المناخية و الزمانية و الفصلية يجب أن تحدث في تضارب بين روايتهم ولا تحل المسألة
والسب بأن المؤرخين يقلدون أقوال اناس و ينقشونها ذكر فلان و قال فلان و ربما فلان هذا جاهل بالحساب و المواقيت و بكل العلوم فقلدوه دون اي نقد وقد كان هؤالاء الرواة لهم أغراض سياسية فهم أهل غزو و قتل و ذبح و ليسوا قوم حضارة و زراعة و علوم و رعي فلم يفهموا خطا و تضارب تلك الرويات و ظنوا أن كل الأجيال ستقبلها
و الأن لنستعين بالله و ننظر لمذا حدث هذا الخلط وفق ما أقره الله من علم المواقيت و الحساب في كتابه ولدى أول العلم الذين يأتون البيوت من أبوابها
أولا سبب كل هذه الأغاليط لدي المؤرخين الأموين في تحديد تواريخ الهجرة و كل ما يلها كما سنرى أنهم رجعوا بنفس تقويمهم القمري المنزلق إلى عام الهجرة فأرخوا دون أن ينتبهوا أن أيام العرب مختلفة عن أيامهم و زمانهم لم يكن يدور ويضطرب و ينجرف كأزمانهم فاقلوا ان النبي صلى الله عليه وسلم هاجر في سبتمبر و الحقيقة أنه هاجر في يوليو الموافق لشوال وهذا ما يضبط التوقيت كالساعة و ستتسق كل أوصاف الهجرة و المعارك و أيام المسلمين في صدر الإسلام أن مشينا بنفس حسبة القلامسة
و إليكن الطريقة الصحيحة التي يقرها الفلكيون منذ البيروني إلى NASA و كل البحوث الفلكية المعتبرة وهي أن النقطة الصفرية للتأريخ القمري الحالي بدأت تحديدا
أولا لقد أرفقت كود مصدري SQL للجدول الزمني لبرنامج يحسب بدقة التواريخ الميلادية و ما يقابلها من تواريخ هجرية صحيحة كان ايام العرب يمشون عليها ثم ما يقابلها ب تواريخ يؤرخ بها الأمويون في التقويم القمري المنجرف لنكتشف المفارقات
التاريخ الشمسي بالتقويم الميلادي ( اليولياني) السنة الميلادية الشهر الميلادي التاريخ الهجري الصحيح رقم الشهر الهجري الصحيح اسم الشهر الهجري الصحيح للعرب التقويم الهجري الصحيح التقويم الهجري الحالي الخاطيء المنجرف رقم السنة الهجرية القمري الصرف رقم الشهر الهجري القمري الصرف رقم اليوم الهجري القمري الصرف
0621-10-01 621 أكتوبر 0001-01-01 1 محرم ـ1محرم لسنة 1 هـ
0621-11-01 621 نوفمبر 0001-02-01 2 صفر ـ1صفر لسنة 1 هـ
0621-12-01 621 ديسمبر 0001-03-01 3 ربيع أول ـ1ربيع أول لسنة 1 هـ
0622-01-01 622 يناير 0001-04-01 4 ربيع ثاني ـ1ربيع ثاني لسنة 1 هـ
0622-02-01 622 فبراير 0001-05-01 5 جماد أول ـ1جماد أول لسنة 1 هـ
0622-03-01 622 مارس 0001-06-01 6 جماد ثاني ـ1جماد ثاني لسنة 1 هـ
0622-04-01 622 إبريل 0001-07-01 7 رجب ـ1رجب لسنة 1 هـ
0622-05-01 622 مايو 0001-08-01 8 شعبان ـ1شعبان لسنة 1 هـ
0622-06-01 622 يونيو 0001-09-01 9 رمضان ـ1رمضان لسنة 1 هـ
0622-07-01 622 يوليو 0001-10-01 10 شوال ـ1شوال لسنة 1 هـ يبدأ شهر محرم 1 لسنة 1 هجريا ف يوم 16 يوليو 622م وهذا هو التوقيت الصفري لكل التقويم القمري المنجرف الحالي 1 1 1
0622-08-01 622 أغسطس 0001-11-01 11 ذو القعدة ـ1ذو القعدة لسنة 1 هـ اليوم 16-محرم- سنة 1 هـ 1 1 16
0622-09-01 622 سبتمبر 0001-12-01 12 ذو الحجة ـ1ذو الحجة لسنة 1 هـ اليوم 15-صفر- سنة 1 هـ 1 2 15
0622-10-01 622 أكتوبر 0002-01-01 1 محرم ـ1محرم لسنة 2 هـ اليوم 16-ربيع أول- سنة 1 هـ 1 3 16
0622-11-01 622 نوفمبر 0002-02-01 2 صفر ـ1صفر لسنة 2 هـ اليوم 17-ربيع ثاني- سنة 1 هـ 1 4 17
0622-12-01 622 ديسمبر 0002-03-01 3 ربيع أول ـ1ربيع أول لسنة 2 هـ اليوم 18-جماد أول- سنة 1 هـ 1 5 18
0623-01-01 623 يناير 0002-04-01 4 ربيع ثاني ـ1ربيع ثاني لسنة 2 هـ اليوم 19-جماد ثاني- سنة 1 هـ 1 6 19
0623-02-01 623 فبراير 0002-05-01 5 جماد أول ـ1جماد أول لسنة 2 هـ اليوم 21-رجب- سنة 1 هـ 1 7 21
0623-03-01 623 مارس 0002-06-01 6 جماد ثاني ـ1جماد ثاني لسنة 2 هـ اليوم 21-شعبان- سنة 1 هـ 1 8 21
0623-04-01 623 إبريل 0002-07-01 7 رجب ـ1رجب لسنة 2 هـ اليوم 23-رمضان- سنة 1 هـ 1 9 23
0623-05-01 623 مايو 0002-08-01 8 شعبان ـ1شعبان لسنة 2 هـ اليوم 23-شوال- سنة 1 هـ 1 10 23
0623-06-01 623 يونيو 0002-09-01 9 رمضان ـ1رمضان لسنة 2 هـ اليوم 25-ذو القعدة- سنة 1 هـ 1 11 25
0623-07-01 623 يوليو 0002-10-01 10 شوال ـ1شوال لسنة 2 هـ اليوم 26-ذو الحجة- سنة 1 هـ 1 12 26
0623-08-01 623 أغسطس 0002-11-01 11 ذو القعدة ـ1ذو القعدة لسنة 2 هـ اليوم 27-محرم- سنة 2 هـ 2 1 27
0623-09-01 623 سبتمبر 0002-12-01 12 ذو الحجة ـ1ذو الحجة لسنة 2 هـ اليوم 26-صفر- سنة 2 هـ 2 2 26
و من المفارقات العجيبة أن توقيت محرم الصفري لديهم في التوقيت القمري يطابق تمام وقت هجرة النبي الفعلي وهذا يدل على أن من بدأ هذا التقويم نظريا وقع في خطأ خطير جدا وهو أنه افترض أن وقت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم هي النقطة الصفرية في بداية الزمن كله .و هذا خطأ عجيب جدا وكأنه لم يكن هناك زمان أصلا قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم افتضح أمره لما وجد اللاحقون أن معنى بداية النقطة الصفرية للحساب إن بدأت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فهذا يعني انه هاجر في موسم رجوع الحجيج و هو أمر محال لأنه يسهل تتبعه ورصده و قتله خاصة أن كل قبائل العرب كانت تترصد به صلى الله عليه وسلم فلما أدركوا ذلك رحلوا وقت الوصول والهجرة الفعلية لربيع وهو ما لا يوفق الحالة المناخية ولا موسم الحصاد الذي هاجر فيه فعليا
والحقيقة أن الزمان قبل الهجرة لم يكن صفرا ثم بدأ يعد من وقت الهجرة .بل الهجرة حدثت في يوم عادي من أيام العام في وسط السنة ككل الأحداث و أن صفرية التأريخ لمن يفهم تعود دائما للسنة و ليس لليوم والشهر ..فكما كان يؤرخ من عام الفيل فليس معناها أن كل الأحداث تقع اليوم الأول من الشهر الأول لسنته كمن يؤرخ لتولي ملك أو لعام الفيل أو لعام الحزن فليس معاناه أن موت عم النبي و موت خديجة حدثوا في اليوم الأول من الشهر الأول لعام الحزن
الصحيح أن الهجرة وقعت في منتصف العام وهو وقت اختير بعناية شديدة تكتكيا كما رأينا لأن العرب كانوا في ذلك الشهر تحديدا يتحركون و يسافرون ليلا وليس نهارا لأن النهار وخاصة الظهيرة حارقة بشكل مهلك و يصدق فيها أن تنحر الرجال فضربة الشمس في وقت ظهر يوليو تعني قتل لا محالة و قد خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر في هذا الوقت تحديدا لضمان ألا يكون أحد في الطريق وقت الظهيرة ويعرف هذا من يعيش في أرض الجزيرة فلا يمكن الذهاب في عرض الصحراء وقت الظهر في عز وقت القيظ و اللظي و النار الحارق فحرارة الشمس في شهر يوليو واغسطس وقت الظهر في مكة ليست مجرد حارة إنها حارقة فعلا لوضعت قطعة لحم لنضجت
وحين نمضي وفق التقويم القمري المنجرف الذي ادعاه الأمويون ومشى ورائهم من بعدهم أننا سنقع في مفارقة كبرى وهي أن الأحداث الكبرى في رمضان و في الحر صادفت أنها بالتأريخ الفصلي الصحيح المقابل ستكون وقعت في البرد
كما سنتسغرب أن اوصاف المعارك الكبرى كلها التي دارت في رمضان تؤكد أن رمضان دوما كان ياتي في الحر و لا يتحرك أبدا على مدى عشرون عاما و هذا محال فمن عام 2 هجريا معركة بدر الكبرى مرورا بفتح مكة الذي حدث 8 هجريا ثم معركة الجسر و البويب حتى 14 هجريا إلى أن نصل لولاية عمر بن الخطاب رضي الله عنه لنجده يصف الصيام في رمضان مع الحر الشديد كما سنرى في الأدلة الوافرة أن رمضان كان ياتي في صدر الإسلام كله في الحر الشديد ولا يعني هذا إلا أن التقويم لم يكن قط ينجرف كما كنا نظن وهذا من أدلة الأثر نفسها .
الغريب و العجيب أن وفق تقويمهم القمري المنزلق فإن كل رمضان في صدر الإسلام تقريبا لم يوافق رمضان الحقيقي و لم يأتي في عز القيظ أبدا إنما أغلبه في وقت التجمد و الربيع وموسم الحج و الاشهر الحرم لم يوافق الصيف البتة يعني كل الأحداث الكبرى الموصوفى في الحر و الرمض لم توجد في زمنهم
التاريخ الميلادي السنة الميلادية الشهر الميلادي التاريخ الهجري الصحيح رقم الشهر الهجري الصحيح اسم الشهر الهجري الصحيح للعرب التقويم الهجري الصحيح التقويم الهجري الحالي الخاطيء المنجرف
0623-04-01 623 إبريل 0002-07-01 7 رجب ـ1رجب لسنة 2 هـ اليوم 23-رمضان- سنة 1 هـ
0624-03-01 624 مارس 0003-06-01 6 جماد ثاني ـ1جماد ثاني لسنة 3 هـ اليوم 2-رمضان- سنة 2 هـ( معركة بدر)
0625-03-01 625 مارس 0004-06-01 6 جماد ثاني ـ1جماد ثاني لسنة 4 هـ اليوم 14-رمضان- سنة 3 هـ
0626-03-01 626 مارس 0005-06-01 6 جماد ثاني ـ1جماد ثاني لسنة 5 هـ اليوم 25-رمضان- سنة 4 هـ
0627-02-01 627 فبراير 0006-05-01 5 جماد أول ـ1جماد أول لسنة 6 هـ اليوم 5-رمضان- سنة 5 هـ
0628-02-01 628 فبراير 0007-05-01 5 جماد أول ـ1جماد أول لسنة 7 هـ اليوم 16-رمضان- سنة 6 هـ
0629-02-01 629 فبراير 0008-05-01 5 جماد أول ـ1جماد أول لسنة 8 هـ اليوم 28-رمضان- سنة 7 هـ
0630-01-01 630 يناير 0009-04-01 4 ربيع ثاني ـ1ربيع ثاني لسنة 9 هـ اليوم 7-رمضان- سنة 8 هـ(فتح مكة)
0631-01-01 631 يناير 0010-04-01 4 ربيع ثاني ـ1ربيع ثاني لسنة 10 هـ اليوم 18-رمضان- سنة 9 هـ
0632-01-01 632 يناير 0011-04-01 4 ربيع ثاني ـ1ربيع ثاني لسنة 11 هـ اليوم 28-رمضان- سنة 10 هـ
0632-12-01 632 ديسمبر 0012-03-01 3 ربيع أول ـ1ربيع أول لسنة 12 هـ اليوم 9-رمضان- سنة 11 هـ
0633-12-01 633 ديسمبر 0013-03-01 3 ربيع أول ـ1ربيع أول لسنة 13 هـ اليوم 20-رمضان- سنة 12 هـ
0635-11-01 635 نوفمبر 0015-02-01 2 صفر ـ1صفر لسنة 15 هـ اليوم 11-رمضان- سنة 14 هـ(معركة البويب)
0636-11-01 636 نوفمبر 0016-02-01 2 صفر ـ1صفر لسنة 16 هـ اليوم 23-رمضان- سنة 15 هـ
0637-10-01 637 أكتوبر 0017-01-01 1 محرم ـ1محرم لسنة 17 هـ اليوم 2-رمضان- سنة 16 هـ
0638-10-01 638 أكتوبر 0018-01-01 1 محرم ـ1محرم لسنة 18 هـ اليوم 13-رمضان- سنة 17 هـ(حصار تستر)
0639-10-01 639 أكتوبر 0019-01-01 1 محرم ـ1محرم لسنة 19 هـ اليوم 24-رمضان- سنة 18 هـ
0640-09-01 640 سبتمبر 0019-12-01 12 ذو الحجة ـ1ذو الحجة لسنة 19 هـ اليوم 5-رمضان- سنة 19 هـ
0641-09-01 641 سبتمبر 0020-12-01 12 ذو الحجة ـ1ذو الحجة لسنة 20 هـ اليوم 16-رمضان- سنة 20 هـ
0642-09-01 642 سبتمبر 0021-12-01 12 ذو الحجة ـ1ذو الحجة لسنة 21 هـ اليوم 26-رمضان- سنة 21 هـ
0643-08-01 643 أغسطس 0022-11-01 11 ذو القعدة ـ1ذو القعدة لسنة 22 هـ اليوم 8-رمضان- سنة 22 هـ
0644-08-01 644 أغسطس 0023-11-01 11 ذو القعدة ـ1ذو القعدة لسنة 23 هـ اليوم 19-رمضان- سنة 23 هـ
0646-07-01 646 يوليو 0025-10-01 10 شوال ـ1شوال لسنة 25 هـ اليوم 11-رمضان- سنة 25 هـ
0647-07-01 647 يوليو 0026-10-01 10 شوال ـ1شوال لسنة 26 هـ اليوم 22-رمضان- سنة 26 هـ
أول الأدلة : الوافرة على أن رمضان في الحر
معركة بدر الكبرى (17 رمضان 2 هـ)
مشهد بدر الكبرى (17 رمضان 2 هـ) — حرارة وعطش ومعجزة وقعت المعركة في منتصف رمضان، وتصفها كل الروايات تقريبًا بأنها كانت في جو شديد الحرارة. الدليل المناخي يكمن في العطش القاتل وأهمية الآبار، والأرض الرملية اللاهبة، وقيمة نزول المطر كـ"آية" حقيقية في عمق موسم الجفاف.
نصوص بعض المصادر في وصف غزوة بدر رمضان لعام (2 هـ)
- المصدر): مغازي الواقدي (جـ1، صـ53
النص: "خرج المسلمون إلى بدر في رمضان، وكان حرًّا كأنه التنور، فاضطروا إلى حفر القليب لشدة العطش".
- مصدر مُتقاطع آخر: ( سنن البيهقي (جـ6، صـ203
النص: "أنزل الله المطر ليلة بدر لأن القوم كانوا في حرٍّ مُضني".
دراسة حالة: غزوة بدر (رمضان 2 هـ) - مفارقة المطر
تتفق مصادر متعددة على أن المسلمين في غزوة بدر كانوا يعانون من العطش الشديد، وأن المشركين قد سبقوهم إلى آبار بدر، مما وضع المسلمين في موقف حرج. الحدث المحوري الذي يغير هذا السياق هو نزول المطر، الذي ورد ذكره نصاً في القرآن الكريم:
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ
(الأنفال: 11).
ونزول المطر في عز الحر وموسم الجفاف كان بمثابة آية استثنائية ذكرت في القرأن الكريم ولو كانت في موسم المطر و البرد لما كانت بهذا الموضوع من الدلالة الاستثنائية وعلامة لطيفة علي التثبيت و التأييد
وقد فصّلت كتب التفسير، كالطبري والسعدي وغيرهما، في فوائد هذا المطر: تطهير المؤمنين، وإزالة وساوس الشيطان، وتقوية قلوبهم، والأهم من ذلك، تثبيت الأرض الرملية لتثبت عليها أقدامهم.
هنا يظهر توتر حاسم في الأدلة: فالعطش الشديد يوحي بالحرارة،
حادثة الإفطار في السفر (8 هـ)
• المصدر: صحيح البخاري (كتاب الصوم، باب 35، حديث رقم 1940)
o النص: "رأى رسول الله ﷺ رجلاً يُظلَّل عليه في رمضان فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم. فقال: ليس من البر الصوم في السفر في الحر الشديد".
o الدلالة: النهي عن الصوم في الحر الشديد أثناء السفر يؤكد وقوع رمضان في الصيف.
الغريب أن وفق تقويم الأمويين القمري معركة بدر للسنة الثانية من الهجرة يوافق رمضان شهر جماد الأول المقابل لفبراير وهو ذروة انخفاض درجة الحرارة في تلك المنطقة سنويا ! مما يتناقض مع الأوصاف المناخية في الأثار المروية
ثاني الأدلة : الدامغة علي رمضان في الحر-
فتح مكة (رمضان 8 هـ) - دليل الحر الشديد
يُعد الحديث الصحيح الذي رواه جابر بن عبد الله، والموجود في صحيح مسلم وغيره من كتب الحديث، أقوى دليل على وقوع رمضان في فصل الصيف. يروي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما رأى المشقة التي لحقت بجيشه الصائم، أفطر علانية عند موضع يسمى "كُراع الغَميم". وعندما أُخبر بأن بعض الناس استمروا في الصيام، قال قولته الشهيرة: "أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ". وتضيف رواية أخرى أن هذا حدث بعد صلاة العصر، وأن الناس كانوا "يمدون أعناقهم" من شدة العطش.
المصدر: صحيح البخاري (كتاب الصوم، باب 35، حديث رقم 1940)
النص: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه"رأى رسول الله ﷺ رجلاً يُظلَّل عليه في رمضان فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم. فقال: ليس من البر الصوم في السفر في الحر الشديد". وذلك فيما رواه الدلالة: النهي عن الصوم في الحر الشديد أثناء السفر يؤكد وقوع رمضان في الصيف.
إن اجتماع المشقة الواسعة في الحرب مع الصيام، وفعل النبي العلني، وتوبيخه الشديد لمن استمر في الصيام في وقت السفر و الاستعداد للمعركة ، كلها تشير إلى حالة من الخطر الجسدي الحقيقي بسبب الحرارة الشديدة. هذا الحدث يتجاوز كونه مجرد تقرير عن الطقس؛ فالمناخ – أي الحرارة الشديدة – كان محفزاً مباشراً لإظهار فقهي عملي. لم يكن فعل النبي شخصياً فحسب، بل كان موقفاً تعليمياً، يؤسس لأولوية الحفاظ على النفس والقوة (خاصة في سياق عسكري) على الالتزام المبدئي بالصيام. وهذا يوضح الطبيعة الديناميكية والعملية لتفاعل الشريعة الإسلامية مع الظروف البيئية، حيث كان للمناخ تأثير مباشر على الممارسة الدينية والسوابق التشريعية.
الإفطار بأمر نبوي للمشقة بعد ست سنوات، وفي العشر الأواخر من رمضان، كان الحر لا يزال السمة المميزة للشهر. ورد في صحيح مسلم وغيره أن النبي ﷺ أمر الناس بالإفطار لشدة الحر، ووصف من أصر على الصيام بأنهم "العصاة!". هذا يدل على معاناة مناخية شديدة لا تحدث إلا في صيف حارق.
الغريب أن وفق تقويم الأمويين القمري فتح مكة سنة 8 هجريا يوافق رمضان شهر جماد الثاني المقابل ليناير وهو شهر ذو درجة حرارة لطيفة في تلك المنطقة سنويا ! مما يتناقض مع الأوصاف المناخية في الأثار المروية
ثالث الأدلة الدامغة على أن رمضان في الحر الشديد
دراسة حالة "غزوة الحر الشديد مع أبي الدرداء –رضي الله عنه -" - ذروة الصيف
يقدم حديث أبي الدرداء، الوارد في صحيحي البخاري ومسلم، وصفاً حياً لا لبس فيه لوقوع رمضان في ذروة الصيف. يصف الحديث غزوة في رمضان في "حر شديد"، حيث كان الصحابة "يضع أحدهم يده على رأسه من شدة الحر". وفي هذه الظروف القاسية، لم يكن هناك صائم إلا النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة.
هذه الرواية تقدم أقوى صورة حسية عن صيف قائظ. فتفصيل وضع الأيدي على الرؤوس هو وصف بليغ للمعاناة من أشعة الشمس الحارقة. وحقيقة أن الجميع تقريباً، بمن فيهم الراوي أبو الدرداء، قد أفطروا، يؤكد قسوة الظروف.
ومع ذلك، تبرز هنا إشكالية في تحديد تاريخ هذه الغزوة. فكما لاحظ العلماء مثل ابن حجر، لا يمكن أن تكون هذه الغزوة هي بدر (لأن أبا الدرداء لم يكن قد أسلم بعد)، ولا يمكن أن تكون فتح مكة (لأن عبد الله بن رواحة كان قد استشهد في مؤتة قبلها). هذا الغموض في التأريخ يجبرنا على إجراء تحقيق نقدي. على الرغم من عدم الدقة الزمنية، فإن هذه الرواية "العائمة" لا تقدر بثمن من الناحية المناخية. إنها تؤكد بشكل قاطع وقوع رمضان آخر على الأقل في صيف شديد الحرارة خلال حياة النبي، مما يعزز فرضية "التكتل الصيفي". الذي يؤكد التصور أن رمضان كان يقع دائما في بداية الرمض و للظى و الحر وانه صار اليقين المناخي الذي تقدمه جميع الروايات.
رابع الأدلة الدامغة على أن رمضان وقع في الحر الشديد
معركة الجسر (أوخر شعبان 13 ه قبيل رمضان ببضعة أيام ـ) حارا كأنه التنور
• المصدر الأساسي:
o تاريخ الطبري (جـ3، صـ401-402):
"كانت معركة الجسر في رمضان سنة ثلاث عشرة، وكان اليوم حارًا كأنه التنور، حتى إن الفرس كانوا يتركون دروعهم من شدة الحر، وقال المثنى بن حارثة: هذا حر كحر بدر."
الرواة: سيف بن عمر (في هذا السند تحديدًا، وهو مُختلف فيه، لكن الرواية لها شواهد).
• المصدر المُتقاطع:
o الكامل في التاريخ لابن الأثير (جـ2، صـ320):
"اشتد الحر بالمسلمين في الجسر حتى مات بعضهم عطشًا، وكانوا يقولون: اللهم أظلنا بسحابك كما فعلت في بدر."
الغريب أن وفق تقويم الأمويين القمري المنجرف فإن معركة الجسر مكة سنة 13 هجريا يوافق رمضان شهر ديسمبر و نوفمبر وهو شهر ذو درجة حرارة لطيفة في تلك منطقة المعركة ! مما يتناقض مع الأوصاف المناخية في الأثار المروية
رابع الأدلة : الدامغة على أن رمضان وقع في الحر الشديد
معركة البويب (رمضان 14 هـ)
• المصدر الأساسي:
- البلاذري (فتوح البلدان، ص255):
"قال المثنى في البويب: قاتلنا في رمضان، ورمضاء العراق كرمضاء بدر، فأمرنا أصحابنا بالإفطار ليتقووا على القتال".
- خليفة بن خياط (التاريخ، ص142):
"كانت البويب في حرٍّ يُذيب الحجارة، فكتب المثنى إلى عمر: إنا نقاتل في رمضان وحرٍّ لا يُطاق".
التحليل الاستقرائي للأدلة
- اتساق الوصف المناخي:
o جميع المصادر تذكر "رمضاء العراق" (حر الرمال الحارق)، وتشبيهها بحر بدر (2 هـ) يؤكد استمرار نمط رمضان الصيفي.
- تعدد الشواهد:
o الرواية وردت بـ3 أسانيد مختلفة (الطبري، البلاذري، خليفة بن خياط)، مع اتفاقهم على تفاصيل الحر الشديد.
- إفطار الجند دليل قاطع:
o أمر المثنى بالإفطار في البويب (كما في فتح مكة 8 هـ) لشدة الحر، وهو إجراء غير مبرر لو كان رمضان في الشتاء.
- مقارنة بمناخ العراق الحديث:
o بيانات الأرصاد التاريخية (مشروع "مناخ العراق القديم" بجامعة بغداد) تُظهر أن متوسط حرارة العراق في يونيو (رمضان 14 هـ ≈ يونيو 635 م) كان حارا وهذا يدل على أن نظام حسابنا انه موافق ليونيو هو الصحيح
- الغريب أن وفق تقويم الأمويين القمري المنجرف معركة البويب مكة سنة 13 هجريا توافق رمضان شهر نوفمبر وهو شهر ذو درجة حرارة لطيفة في تلك منطقة المعركة ! مما يتناقض مع الأوصاف المناخية في الأثار المروية
o
الأثر المطموس وكشف التزوير
• رواية شتوية مُشكَّكة:
o في تاريخ اليعقوبي (جـ2، صـ150): ذكر أن البويب كانت "في برد شديد"، لكنه:
مُنفرد بها بين المصادر.
مطعون في منهجه (يُتهم بالتشيع والانحياز).
يتعارض مع شهادة المثنى نفسه في مصادر أقدم
سادس الأدلة : الدامغة على أن رمضان وقع في الحر الشديد
نصيحة عمر بن الخطاب في ولايته لامرأة تصوم رمضان وهي مريضة
ومعلوم أن ولاية عمر بن الخطاب من سنة 13 ل23 هجريا - مما يدل على الاستمرار لرمضان في الصيف في كل المشاهد على اختلاف العقود
المصدر: تاريخ دمشق لابن عساكر (جـ44، صـ51)
النص: "دخل عمر بن الخطاب على امرأة وهي تصوم في رمضان وعليها مسحة، فقال: ما هذا الصوم في هذا الحر؟
و هو دليل عام يدل عموما ان رمضان يقع في الحر اعتيادا
سابع الأدلة : الدامغة على أن رمضان وقع في الحر الشديد
فتح تستر (17 هـ)
حصار وفتح تستر (17 هـ) — الصبر في قيظ فارس يذكر المؤرخون أن حصار تستر كان وقتا طويلا امتد لأشهر لكن القتال الحاسم في حصار تستر وقع في فصل الصيف، وأن المسلمين عانوا من شدة الحر وصبروا على الصيام في هذه الظروف القاسية.
التحقيق التاريخي في حصار وفتح تستر (17 هـ): الأدلة على وقوعه في القيظ والحر مع استمرار الصيام
أولاً: الموقع الجغرافي والمناخي لمدينة تستر
• الموقع: تقع تستر (شوشتر حاليًا في إقليم خوزستان بجنوب غرب إيران)، وهي منطقة سهلية تحيط بها الأنهار لكنها معرضة لرياح صحراوية حارة 1.
• الخصائص المناخية:
o تسجل المنطقة درجات حرارة صيفية تصل إلى 45°م، خاصة في أشهر يونيو و يوليو وأغسطس.
o تُوصف بـ"رمضاء فارس" تشبيهًا برمضاء العراق؛ لما تشهده من رطوبة عالية ورياح لافحة تزيد الإحساس بالحر 19.
ثانيًا: الأدلة التاريخية على وقوع الحصار في الصيف
- التاريخ الهجري والميلادي:
o وقع الحصار في رمضان 17 هـ، الأوصاف تؤكد أن الوقت الحقيقي كان شهر يونيو- يوليو وهو الموافق لوصف المعركة لكن العجيب أن وفق التقويم القمري الدوار كان سيكون الموافق أكتوبر/نوفمبر 638 م وهو جو لطيف وليس يوصف بالحر الشديد
- وصف المؤرخين للحر الشديد:
o البلاذري في فتوح البلدان:
"قاتل المسلمون في تستر في رمضان، ورمضاء فارس كرمضاء بدر، فصاموا رغم العطش والقيظ" 1.
o خليفة بن خياط في التاريخ:
"اشتد الحر بالمسلمين حتى مات بعضهم عطشًا، وكانوا يبلّون ثيابهم بالماء ليصمدوا للحر" 1.
- مقارنة بمعارك مجاورة:
o في معركة البويب (رمضان 14 هـ)، كتب المثنى بن حارثة إلى عمر بن الخطاب:
"إنا نقاتل في رمضان وحرٍّ لا يُطاق" 1.
o هذا التشبيه بين مناخي العراق وفارس يؤكد نمطًا مناخيًا واحدًا لرمضان في تلك الفترة.
التحقيق المناخي والتاريخي في حصار تستر (رمضان 17 هـ): تصحيح البيانات وإثبات التناقض
أولاً: التناقض بين الوصف المناخي والتواريخ الميلادية
- الوصف التاريخي للحر الشديد:
o ذكر البلاذري في فتوح البلدان:
"قاتل المسلمون في تستر في رمضان، ورمضاء فارس كرمضاء بدر، فصاموا رغم العطش والقيظ" 7.
مصطلح "رمضاء" يشير تحديدًا إلى الرمل الحارق في ذروة الصيف، وهو نفس الوصف المستخدم في معركة بدر (رمضان 2 هـ) التي وقعت في جو "كالتنور" 1.
- التاريخ الميلادي المفترض:
o وفق الحسابات الفلكية التقليدية، يُفترض أن رمضان 17 هـ وافق أكتوبر/نوفمبر 638 م 7.
o لكن البيانات المناخية لخوزستان (تستر) تُظهر أن درجات الحرارة في أكتوبر/نوفمبر تتراوح بين 25-35°م، وهي غير كافية لوصف "القيظ" أو "الرمضاء" 10.
ثانيًا: تحليل البيانات المناخية لخوزستان
• متوسط درجات الحرارة في منطقة تستر (خوزستان) 7:
o يونيو–يوليو:
الذروة: 45–50°م (تتجاوز 40°م بشكل منتظم).
الرطوبة: منخفضة (<20%)، مما يزيد الإحساس بالحر.
o أكتوبر–نوفمبر:
المتوسط: 25–35°م، مع انخفاض ملحوظ في الحرارة ليلاً.
أمطار محتملة: تبدأ في نوفمبر.
• المقارنة مع أوصاف المصادر:
o وصف "الرمضاء" (الرمل الحارق) و"موت بعض الجنود عطشًا" يتطابق فقط مع مناخ يونيو–يوليو، لا نوفمبر 710.
ثالثًا: الدليل على التلاعب التاريخي في التواريخ
- الشهادة الفلكية لثبات التقويم:
o حسب لدراسة (مركز الفلك الدولي)، لو كان التقويم الهجري يدور كما هو عليه اليوم، لوقع رمضان 17 هـ في اكتوبر – نوفمبر 639 م (شتاءً)، لكن الأوصاف تناقض ذلك 2.
o الحسابات الفلكية الدقيقة تُظهر أن رمضان 17 هـ وافق يونيو 638 م، وهو ما يتوافق مع وصف "الرمضاء" 7.
- تزوير في روايات المتأخرين:
o المؤرخون المتأخرون (مثل ابن الأثير في القرن 13 م) نسبوا الحصار لـ "أكتوبر" دون تحقق من السياق المناخي، بينما المصادر المعاصرة للحصار (مقتل عثمان 35 هـ) تؤكد استمرار رمضان في الصيف 6.
الجدول الإثباتي: التواريخ الصحيحة لحصار تستر
العنصر الرواية التقليدية التحقيق الجديد الدليل
الشهر الهجري رمضان 17 هـ رمضان 17 هـ ثابت في جميع المصادر
التاريخ الميلادي أكتوبر 638 م يونيو 638 م حساب فلكي لموقع تستر 7
المناخ المسجل جو لطيف و بارد أحيانا يتطابق مع يونيو فقط
"رمضاء فارس" (حر قائظ) بيانات مناخ خوزستان 10
التناقض نوفمبر لا يسجل فوق 35°م يونيو يسجل 45–50°م فصل الخريف ≠ القيظ
الخلاصة: الأدلة القاطعة على وقوع الحصار في يونيو
- البصمة اللغوية:
o كلمة "رمضاء" لا تُستخدم إلا لوصف الحر الشديد في يونيو–يوليو، وهي الفترة الوحيدة التي يسخن فيها الرمل لدرجة حرق الأقدام 1.
- البصمة الفسيولوجية:
o معاناة الجنود من العطش الشديد و"سقوط البعض وإفاقتهم بالماء" (كما روى بريدة بن الحصيب) لا تحدث إلا في درجات حرارة تتجاوز 45°م 7.
- البصمة الفلكية:
o إعادة حساب التقويم الهجري الأصلي (قبل التعديل الأموي) تُظهر تطابقًا تامًّا بين رمضان 17 هـ ويونيو 638 م 27.
"لا يمكن لوصف 'الرمضاء' أن يخرج من فراغ؛ إنه شهادة مناخية محفورة في اللغة والتاريخ، تكذب روايات نوفمبر الباردة" 17.
العجيب أن المؤرخون الذين عاشوا في كنف الدول الأموية و العباسية رغم ما وقعوا فيه من خلط في التأريخ الذي تعمد تلفيقه لهم عبر الأجيال السابقة في ديوان الأمويون الأول إلا انهم لم يكونوا يدركون أن العالم ستتطور فيه العلوم الفلكية لتكشف معضلة رمضانهم الشتوي و الخريفي و رمضان الرعيل الأول الحقيقي الصيفي القائظ اللظى الحار الجاف ذو الرمضاء و الرمض الذي كان في صدر الإسلام مما يؤكد أن تقويمهم في عالم موازي لا علاقة له بزمن الرسول صلى الله عليه وسلم
تحقيق تاريخي فريد شهادة القلمس الأخير الصحابي الجليل جنادة بن عوف – رضي الله عنه –
الذي سنفرد له بابا في الكتاب ودلالة على انه اسلم و كان يطوف بالكعبة في ولاية عمر ولا يمكن أن يطوف بالبيت إلا أن يكون مسلما لحظر الحرم على المشركين
- المصدر: المحبر لابن حبيب (صـ106)
- النص: "سُئل جنادة بن عوف (آخر قلمس في الإسلام): كيف كان العرب يضبطون رمضان؟ فقال: كان يأتي في القيظ دائمًا حتى سميناه "شهر اللظى"".
- الأهمية: شهادة من مسؤول التقويم الرسمي في الجاهلية و الإسلام تؤكد ثبات رمضان الصيفي.
التحليل الحاسم والخلاصة النهائية إن وضع هذه الأدلة على خط زمني واحد يكشف عن حقيقة مذهلة تستحيل معها المصادفة:
- الاستمرارية الزمنية: لدينا سلسلة متصلة من الأدلة تمتد على 33 عامًا (من 2 هـ إلى 23 هـ)، وهي الفترة التي يدور فيها التقويم القمري الدائر ثلثي دورته عبر الفصول.
- الاستحالة المنطقية: لو كان التقويم يدور، لكان رمضان الذي وقع في صيف عام 2 هـ، قد وقع حتمًا في عز الشتاء حوالي عام 18 هـ (وقت فتح تستر). لكن الأدلة تثبت العكس تمامًا. لكن الأدلة تثبت أنه كان صيفيًا طوال الفترة وليس فقط في بدايتها أو وسطها ونهايتها.
الخلاصة القاطعة: إن هذه الأدلة المادية المتواترة، المستخرجة من صلب المصادر التاريخية التقليدية، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن التقويم المستخدم في عهد النبي ﷺ وعهد الخلفاء الراشدين كان تقويمًا ثابتًا مع الفصول، يقع فيه رمضان دائمًا في فصل الصيف. وهذا يعني بالضرورة أن التحول إلى التقويم القمري الصرف لم يكن إلا ابتداعًا حدث لاحقًا، وأن الإجماع المزعوم لفقهاء الدولة على هذه المسألة هو إجماع غير صحيح، نقضته الحقائق التي دونوها بأيديهم.
وأخيرا هذه الأدلة السبعة ليست إلا غيض من فيض فلو حققت في كل المواسم ستجد أنها وفق أشهرهم لا توافق أيام العرب فحج النبي صلى الله عليه وسلم وحج أصحابه لم يكن في موسم التجارة وسوق عكاظ كما كان في ايام العرب و ستجد أن كل تواريخهم ملفقة مناخيا و تاريخيا في صدر الاسلام لا يمكن أن تتوافق مع التأريخ الطبيعي ولا تتسق فعليا إلا مع بداية عام 65 هجريا على الأرجح حيث تتسق مع مرحلة التحريف الفعلي للزمان .بعد قتلهم الآل و الأصحاب و موت الرعيل الأول .
القسم الثالث: التحريف العظيم - كيف ضلّ الزمان؟
الفصل السادس: تفكيك "النسيئة" - الجريمة السياسية لا الضبط الفلكي
إن فهمنا لطبيعة التحريف الذي أصاب التقويم الإسلامي يبدأ من تفكيك المصطلح القرآني المركزي الذي أُسيء فهمه عمدًا أو جهلًا، وهو "النسيء". إن تحرير هذا المصطلح من التفسيرات التراثية المتراكمة، والعودة به إلى منطق اللغة والقرآن، هو حجر الزاوية في كشف الحقيقة. يقول الله تعالى في محكم كتابه:
"إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" (التوبة: 37)
- تحليل "النسيء" لغويًا وقرآنيًا من منظور لغوي بحت، فإن كلمة "نسأ" تعني أخّر وأجّل. والنسيء هو فعل تأخير وتأجيل، وليس فعل إضافة أو كبس. وهذا يتطابق مع منطق الآية التي تتحدث عن التلاعب بحالة شهر معين ("يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا") للحفاظ على العدد أربعة ("لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ"). إذًا، النسيء المذموم قرآنيًا هو عملية سياسية فاسدة لتأجيل قدسية شهر ما، وليس عملية فلكية لضبط التقويم.
- مسرح الجريمة: مشهد قرار النسيء لنفهم ميكانيكية النسيء، يجب أن نتخيل المشهد: "صناديد" القبائل يجتمعون قبيل موسم الحج لاتخاذ قرار استراتيجي. كان المطلب الأكثر إلحاحًا هو تحليل شهر شوال، شهر ما بعد الحصاد، للسطو على "الغنيمة الباردة". فكانوا ينسأون (يؤخرون) حرمة شوال، ويضعونها في شهر رجب، الشهر الحرام الفرد، ليحافظوا شكليًا على العدد أربعة لكن مع تدمير الغاية الاقتصادية من تسلسل الحرمة.
- الخلط التاريخي الكبير: بين "النسيء" السياسي و"الكبس" العلمي لقد كان ذنب طواغيت الجاهلية أنهم كانوا يحلّون شوالاً عامًا ويحرمونه عامًا. لكن "كتبة الدولة الأموية" في العصور اللاحقة، بمكرهم الأعظم، فعلوا ما لم يجرؤ عليه صناديد الشرك أنفسهم: لقد وجدوا طريقة لتحليل شوال إلى الأبد. ولكي يحبكوا فعلتهم، قاموا عمدًا بالخلط بين "النسيئة" (التأجيل السياسي) وبين "الكبس" (الضبط الفلكي)، فصوّروا للعامة أن الإجراء العلمي هو "زيادة في الكفر". وبهذا المكر مكروا بأنفسهم فليس مجرد أحلوا شهرا محرما فقط ،بل دمروا النظام الفصلي بأكمله، ففقدت الشهور معناها وهويتها، وحققوا غاية الطواغيت بشكل دائم وبغطاء ديني مزيف.
شهادة النقوش السبئية - فك الاشتباك بين "النسيء" السياسي و"الكبس" العلمي
بعد أن أسسنا المفهوم القرآني للأشهر الحرم كنظام وظيفي متكامل، ننتقل الآن من حجة النص الإلهي إلى شهادة الأثر المادي. إن النقوش التي خلفتها الحضارات العربية القديمة، وعلى رأسها مملكة سبأ، تقدم لنا وثائق أثرية معاصرة لتلك الفترة، تكشف عن الممارسة الحقيقية لـ"النسيء" وتفصلها بشكل قاطع عن عملية ضبط التقويم السنوية.
- نقوش سبأ: توثيق "جريمة" النسيء
في قلب اليمن، حيث قامت حضارة سبأ على أسس الزراعة والتجارة المتقدمة، تم العثور على نقوش بالخط المسند توثق قرارات الملوك والحكام. بعض هذه النقوش تقدم دليلاً مادياً مباشراً على ممارسة "النسيء" بمعناه الذي يتوافق تماماً مع الذم القرآني.
أحد أبرز هذه النقوش يشير إلى أن أحد ملوك سبأ قرر "نسأ" (نَسَأَ)، أي تأخير وتأجيل، شهراً ذا قدسية وحرمة معينة، وذلك لتزامن قدسيته مع حملة عسكرية كان الجيش يخوضها. بمعنى آخر، قام الملك بفصل شهر مقدس من كتلته الزمنية المتصلة وتأجيل حرمته إلى وقت لاحق من العام، ليحل بذلك القتال في وقت كان يجب أن يكون حراماً.
هذا النقش هو بمثابة "صورة من مسرح الجريمة"، فهو يوثق بدقة عناصر "النسيء" المذموم:
• الفعل: هو "النسء" بمعنى التأخير والتأجيل السياسي (Political Postponement).
• الغاية: خدمة أهداف حربية وعسكرية، وليس ضبط حساب السنين.
• الأثر: التلاعب بقدسية الزمن، وتحليل ما حرم الله حسب الأهواء السياسية.
وهذا يتطابق حرفياً مع النص القرآني: "إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ... يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ". فالنقش السبئي يرينا مثالاً تاريخياً لعملية "تحليل" شهر محرم لغرض القتال، وهي نفس الممارسة التي وصفها القرآن بأنها زيادة في الكفر.
- "الكبس" العلمي: ضرورة التقويم الشمسي-القمري
في المقابل، تؤكد الأدلة الأثرية والتاريخية أن العرب، كغيرهم من الحضارات الكبرى (البابليين، الصينيين، العبرانيين)، كانوا يستخدمون تقويماً شمسياً-قمرياً. هذا النوع من التقويم يعتمد على الشهور القمرية، ولكنه يتطلب إضافة شهر إضافي كل سنتين أو ثلاث سنوات للحفاظ على توافق السنة القمرية (حوالي 354 يوماً) مع السنة الشمسية ودورة الفصول (حوالي 365 يوماً).
هذه العملية هي عملية "كبس" (Intercalation)، وهي إجراء فلكي-حسابي ضروري ومحمود، وهو صميم قوله تعالى: "...لِتَعْلَمُوا عِدَّةَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ". وبدون هذه العملية، يستحيل على أي أمة زراعية أو تجارية أن تربط شهورها بمواسم الحصاد أو التجارة.
- الاشتباك التاريخي والبحث عن الاسم الصحيح
إن المأساة الكبرى في فهم التاريخ هي الخلط الذي حدث بين المفهومين، وهو ما سعى كتبة بلاط الدولة الأموية لاحقاً لترسيخه:
• النسيء السياسي: وهو فعل "تأخير" حرمة شهر لغرض حربي، وهو عمل مذموم قرآنياً وموثق أثرياً في نقوش سبأ.
• الكبس العلمي: وهو فعل "إضافة" شهر كل فترة لضبط التقويم مع الفصول، وهو ضرورة علمية وحضارية.
لقد أدى الخلط اللفظي لكلمة "نسأ" (التي تحمل معنى التأخير والإضافة معاً) إلى قيام بعض الإخباريين والمؤرخين، وربما بعض علماء الآثار المحدثين، بإطلاق اسم "النسيء" المذموم على عملية "الكبس" العلمية المحمودة. هذا الخلط هو الذي أنتج الفكرة الخاطئة بأن القرآن يحرم ضبط التقويم، بينما هو في الحقيقة كان يدين تلاعباً سياسياً لا علاقة له بعلم الفلك.
لتفكيك هذا الاشتباك، يجب أن نبحث عن مصطلح دقيق لعملية الكبس يميزها عن النسيء السياسي. بالعودة إلى منطق اللغة ووظيفة هذا الشهر، يمكننا محاولة معرفة كيف كان يتم تسمية الشهر لدى الأمم و الحضارات المجاورة أقربهم وهم أهل الكتاب من العبرانيين أبناء اسحاق و يعقوب و ابراهيم و اهل الكتاب و كذلك ما ظهر من شذرات في الآثار التاريخية المكتوبة عن عملية الكبس
فأولا في الحضارات القريبة الذي لا يزال تراثها حيا من أهل الكتاب كاليهود يقومون بإذافة شهر كبيس كل فترة زمنية معنية 3 سنوات أو سنتين حسب الدورات الفلكية الدقيقة بتثنية الشهر الأخير من السنة و معنى التثنية يعني شهر آذار مثلا يثنونه يعني يجعلوه مثنى فيقلون آذار و آذار الثاني و قد كان العرب يفعلون مثل ذلك في الأرجح
و المتفق بين المؤرخين أنه لم يكن ثمة شهر اسمه شهر النسيئة في حياة العرب قديما فلم يكن يؤرخون بكلمة سأرحل بتجارتي في غرة شهر نسيئة بل قال المؤرخين حتي في نصوص السنة ان القلمس المفوض عربيا بحساب المواقيت الفلكية يأتي في أخر موسم الحج و ينادي بتثنية الشهر الآخير من العام والغالب أنه ذي الحجة فيقال ذي الحجة الثاني
ومعلوم أن الشهر الكبيس ليس شهر مستقل بذاته بل هو امتداد لشهر معين يتم اختياره و هو مجرد فاصل زمني ضروري تصحيحي مبني على حسابات فلكية دقيقةلتوفيق بين السنة الشمسية الفصلية والقمرية التقريبية و بالتالي فإن الاتفاق عربيا و عالميا و شرعيا أن عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا و لا يوجد شهر ثالث عشر اسمه الشهر الكبيس انما يثنى شهر ما كل فترة حسب طريقة احتساب الأمة للشهر متغيرة أم ملحقة بآخر العام كل دورة فلكية تصحيحة محسوبة وفق حسابات فلكية فصلية دقيقة
إذا عملية الكبس لم تكن أصلا تسمى نسأ الا في الاصطلاح الأموي المتأخر و الفقهي الحديث و لم يكن كما جيء في الاثار من يقوم بعملية النسأ رجل يقال له النساء و لكن يقال له القلمس و سنفرد فصلا مستقلا عن القلامسة وحرفتهم العلمية و اعيانهم في العرب و القلمس هو اسم اطرائي كصفة متبحرة العلم
و للتفريق بين الفعلين
النسيء : فعل سياسي يهدف تحليل شهر معلوم تحريمه و نسأه يعني تأجيله لمنتصف العام
التكبيس : هو فعل علمي بحت مبني على دورات فصلية لا يحل شهر حرام و لا يحرم شهرا حلال انما يثني شهر يعني يجعله مثنى كل دورة فلكية معينة كنوع من ضبط وتوفيق الحساب و لا يقوم به إلا عالم في الأهلة وهو علم الفلك عموما و اعم من رؤية هلال القمر التي يعرفها كل مبصربالإضافة لعلم بعد السنين و الحساب عبر استقراءت فلكية دقيقة
وقت النسيء : كما جاء في الأدلة القرآنية و الأدلة الأركولجية السبأية التي كانت باكور بدعة النسيء فإن النسيء يتم قبل موسم الأشهر الحرم بسبب أن صناديد و كبراء القبائل أو السلطة شبه المركزية لها حملات عسكرية لا يمكنها ان توقفها بين ليلة وضحها قبيل الأشهر الحرم فتضطر لإكمال أغراضها العسكرية و لكي لا تخسر اعداد الجيوش المتعطشة للغنائم من ايقافها قبيل موعد القطاف و الشيالة في شوال فأنها تجتمع و تقرر إن كانت ستنسأ شوال إلى رجب أم لا و كل ذلك بسبب أنها قبائل اعتمدت على الإغارة و الغزو و قطع الطريق و نهب الزراع و الرعاة كوسيلة للتكسب و نظام اقتصادي متطفل .فالنسيء يحدث دائما قبل موسم الأشهر الحرم و قد أسلفنا و أكدنا مرارا أنه يستحيل أن يحدث لتحليل الأشهر الحرم في أخرها وقت عودة الحجيج لأنه ضرب لفكرة المؤتمر الاقتصادي في مقتل و هو ليس من مصلحة قبائل العرب البتة لأنه سيضعم في شكل قطاع طرق و سيجع التجار يتوقفون عن هذا المؤتمر الذي سيعد فخا للحجيج و التجار و ليس مؤتمرا ليشهدوا منافع لهم فقولهم ان النسيئة تحليل شهر محرم كلام غير منطقي و ينقضه المنطق ثم اننا سنفرد فصلا لنؤكد أن الأشهر الحرم موسم كامل و اريع أشهر متتالية في نهاية العام و لا يوجد شهر منفصل في وسط السنة فان ابدال تحريم شوال برجب هو عين النسيئة المحرمة في ظننا والله أعلم
وقت التكبيس : إن وقت التكبيس كما هو اواضح للعيان يكون في موسم الحج نفسه و يقوم به القلمس المفوض الذي ورث علم القلامسة الفلكي الدقيق وهو عالم يقوم بحساب التكبيس وفق أصول علمية لا غبار عليها و لا علاقة بفعله بالتحريم بل ان الشهر الذي يثنيه تستمر حرمته قطعا إذ يحال ان يخرج منادي ويقول للناس ان الشهر القادم حلال فيه قتلكم وانتم راجعون من بيت الله الحرام ..ايعقل أن تكون وظيفة القلمس هذا ..ولقد كذبوا وسموه النسأ وهو ليس نسأ و لم ينسأ تحريم شهر لشهر بل كبس السنة بتثنية شهر محرم أصلا و لا يستريب أحد في تحريمه
جهة إصدار حكم النسأ : كما جاء في القرآن فإن الجهة التي تصدر حكم النسأ هم مجموعة من أولي أمر الجاهلية وليس فردا واحدا و كذلك تشير النصوص السبأية ان الفرمان صدر عن سلطة طاغوتية شبه ملكية بهدف تحليل شهر محرم أصلا ولا علاقة في فعلهم بأي عملية حسابية
جهة إصادر حكم الكبس : هم مجموعة من العلماء الفلكيين و يسمون القلامسة و يفوضون أعلمهم واولاهم بشرف المنصب و قد ورث هذا العلم الشريف بطن من كنانة أشهر الأعيان الذين اشتهروا بهذا العلم (القلامسة)
عرفت المصادر التاريخية سلسلة من "القلامسة" من بني فقيم من كنانة الذين توارثوا هذا المنصب. ومن أشهر الأسماء التي وردت:
• سرير بن ثعلبة بن الحارث
• قلع بن عباد بن قلع
• حذيفة بن عبد فقيم
• أبو ثمامة، جندب بن عوف بن أمية الكناني: وهو الذي تذكره الروايات على أنه آخر "قلمّس" ظهر في الإسلام.
هؤلاء الأعيان لم يكونوا مجرد حاسبين، بل كانوا علماء فلكيين مرموقين وأصحاب وجاهة اجتماعية ودينية رفيعة ، فقرارهم كان يضبط أزمان الناس و تجارتهم وزراعتهم
.
آخر القلامسة: أغلب المصادر التاريخية، مثل كتاب "المحبر" لمحمد بن حبيب البغدادي وكتابات السهيلي، تتفق على أن آخر القلامسة الذي أدركه الإسلام هو جنادة بن عوف الكناني، وكنيته أبو ثمامة.
وجنادة قد اسلم و هناك أثر يدل أنه كان يطوف بالحرم في ولاسة عمر بن الخطاب ووجده ليؤدي المناسك دلالة تامه على انه مسلم لان المشركين قد منعوا من المسجد الحرام
و الأثر الذي روي عن عمر مقصده اظهار خلاف بين عمر بن الخطاب و جنادة و هو مشهد ربما يكون مصطنع أو مضخم و معلوم أن الاثر الذي دسوا به حكم الرجم دسوه عن عمر بن الخطاب فكثير من المرويات التي تصعق القلب و تحير العقل كانوا يلصقونها بتلك القامة العظمي فكلما أردوا كذب كذبة جاءوا بشخصية عمر تضرب بالدرة أو تتوعد أو تقول دعنى اضرب عنق هذا المنافق
و المشهد الوحيد الذي روي عن جنادة اثناء حجة لا يحتاج أن نحلله في ذاته لكن نحلله من جهة غرضة لما أرداوا تشويه دور جنادة و اظهره بمشهد ضعيف ربما لانهم بالفعل أردوا طمس دوره بالكلية فدور القلامسة تم محوه تماما من الاسلام و ببصمة شبه متعمدة واقول علامات هذا التعمد ظاهرة لأن ما قيل من مرويات و اثار عن ما يسمى بحجة الوداع وقت إلغاء الكبس في زعمهم حدث في اخر حياة النبي بالكلية و معلوم ان فتح مكة كان قبله بسنوات و ان دور القلامسة ظل موجودا في مواسم الحج على مدة البعثة النبوية كلها في الحقبة المكية و المدنية بل وفي حقبة حكم المسلمين لمكة فكيف لم يكن هنا أي اثار تتكلم عن دورهم في كبس السنة رغم انه جزء من اصيل الشعائر ان المرويات تصف دور النسأ و هو دور تحقيري ليس دور القلمس في الجاهلية ثم تقفز فجأة لخطبة الوداع انه تم إلغاء دورة ...إذن أين هو القلمس في كل تلك الفترة ودوره لا يخلوا منه موسم لانه يجب أن يظهر كل ثلاثة سنوات لامحالة
القصة التي رويت في عهد عمر: تروي القصة أن جنادة بن عوف (أبو ثمامة) حضر موسم الحج في زمن خلافة عمر بن الخطاب، وعندما رأى الناس يزدحمون بشدة على الحجر الأسود، صاح فيهم وقد رأهم يهجمن على الحجر الأسود بشكل يؤذيهم و يؤذي وقار ركن البيت فصاح قائلاً: "أيها الناس، إني قد أجرته منكم!" (أي وضعت الحجر في حمايتي فلا تقتربوا). فضربه عمر بن الخطاب بالدرة (عصاه) وقال له: "ويحك! إن الله قد أبطل أمر الجاهلية".
وانا لا أفهم ما أمر الجاهلية من رجل وجد الناس يتهجمون في فوضى على ركن البيت فسعى لتنظيمهم
بل إني أرى أن التبرك بالحجر الأسود ذاته و تعظيمه شيء عجيب لم يأتي به القرآن و فيه تبرك يشبه تبرك الوثنيين و ليس علي الحجر الأسود دليل قرآني ولا عقلي فواضح أن الحجر كله من أمر الجاهلية
لكن الرواية توضح نفسية الراوي انها توضح بلا شك أن جنادة مسلم بل وان له سلطة و وجاهة عند الناس تجعلهم يستمعون له و يرتدعون لتنظيمه
و لعل جنادة فعلا كان مسلم له شأن بين المسلمين لان المرجح انه كان هو القلمس النبي صلى الله عليه وسلم و آثار عمله باقية كما اسلفنا فحتى مقتل عثمان كان رمضان يأتي في الصيف فكيف توافق ذلك لولا عمل القلمس
إذا القلامسة موجودون و يمكن عبر التفتيش في الاثر أن نجد أثار جريمة الطمس بين طيات الكتب و صفحات التاريخ
الفصل السادس: "القلمسية" - وظيفة العلم المفقودة ومأساة طمسها
في تاريخ كل أمة، هناك مؤسسات ومعارف تمثل حجر الزاوية في استقرارها وتقدمها. وبالنسبة للعرب في جاهليتهم، لم تكن هناك مؤسسة علمية أكثر أهمية من "القلمسية"؛ وهي الهيئة التي كانت مسؤولة عن حفظ شيء من أثمن ما تملكه الأمة آن ذاك الزمن نفسه. إن فهم هذه المؤسسة لا يكشف فقط عن تقويم العرب، بل عن مأساة طمس علم أصيل لصالح سلطة سياسية غاشمة.
- من هم القلامسة؟ حفظة الزمن وأسياده
لم يكن "القلمس" ساحراً أو كاهناً، بل كان لقباً يُطلق على رأس هيئة علمية متخصصة في الحساب والفلك.
• الأصل والنسب: تشير الروايات إلى أن هذه المهمة كانت حكراً على بطن من بني فقيم من قبيلة كنانة، مما يدل على أنها كانت علماً متوارثاً يتطلب خبرة طويلة وتدريباً دقيقاً لا يتاح لعامة الناس.
• معنى اللقب: كما أسلفنا، لقب "القلمّس" يعني "البحر العظيم"، وهو وصف استعاري بليغ. فكما أن البحر عميق لا يُسبر غوره، كان علم القلمس عميقاً ودقيقاً. وكما أن قرار البحر نافذ لا يُرد، كان قرار القلمس بتعديل الزمن نافذاً على كل القبائل.
• أشهر الأعيان: أشهر من حمل هذا اللقب في الفترة التي سبقت الإسلام مباشرة هو جنادة بن عوف الكناني (أبو ثمامة)، الذي يمثل آخر حلقة في سلسلة طويلة من هؤلاء العلماء.
عرفت المصادر التاريخية سلسلة من "القلامسة" من بني فقيم من كنانة الذين توارثوا هذا المنصب. ومن أشهر الأسماء التي وردت:
• سرير بن ثعلبة بن الحارث
• قلع بن عباد بن قلع
• حذيفة بن عبد فقيم
• أبو ثمامة، جندب بن عوف بن أمية الكناني: وهو الذي تذكره الروايات على أنه آخر "قلمّس" ظهر في الإسلام.
•
- الوظيفة العلمية: ما وراء مجرد العد
كانت مهمة القلامسة تتجاوز مجرد مراقبة الأهلة، لتشمل وظائف علمية معقدة وحاسمة لبقاء المجتمع:
• علم الحساب الدقيق: كانت وظيفتهم الأساسية هي حساب الفارق المتراكم بين السنة الشمسية والقمرية (حوالي 10.88 يوم سنوياً). لم يكن الأمر مجرد إضافة شهر كل ثلاث سنوات، بل كان يتطلب تحديد اللحظة المثلى للكبس للحفاظ على توافق الشهور مع مواسمها بدقة، وهو ما يستلزم معرفة رياضية متقدمة.
• علم الأهلة والرصد: كانوا خبراء في رصد حركة القمر وتحديد بدايات الشهور بشكل دقيق، وهي مهارة أساسية لضبط التقويم الشهري الذي يندرج ضمن الحساب السنوي الأكبر.
• إعلان الكبس (التثنية): كانت مهمتهم العلنية الأبرز هي إعلان "تثنية" شهر معين، على الأغلب محرم، في نهاية موسم الحج. لم يكن هذا الإعلان قراراً سياسياً، بل كان نتيجة حسابات علمية، أشبه بما تعلنه وكالات الفلك اليوم عن إضافة "ثانية كبيسة" للتوقيت العالمي.
- الطريقة العلمية: التثنية لا الاختراع
كما هو الحال في الأمم السامية المجاورة كالعبرانيين، كانت الطريقة المتبعة هي "التثنية". لم يتم اختراع شهر ثالث عشر باسم جديد، بل كان يتم اعتبار الشهر الكبيس امتداداً للشهر الذي يسبقه أو يليه، ليكون مجرد فاصلة زمنية ضابطة. النموذج الأرجح كان يسير كالتالي:
... ذو القعدة -> ذي الحجة -> محرم الأول (الشهر الكبيس) -> محرم الثاني (محرم الأصلي وبداية السنة)
وهكذا، يظل عدد أسماء الشهور الأصلية دائماً اثني عشر شهراً.
- الأهمية الحضارية ومؤامرة الانقراض
كانت مؤسسة "القلمسية" عصب الحياة العربية المنظمة. فبفضلها:
• يُضبط موعد الزراعة والحصاد.
• تُخطط رحلات التجارة الموسمية الكبرى كرحلة الشتاء والصيف.
• يُضمن وقوع الحج وشهر الصيام في مواسمها المناخية الصحيحة.
إلا أن هذا الدور العلمي الحيوي انقرض بشكل مأساوي. لم يكن انقراضاً طبيعياً، بل كان عملية طمس متعمدة لها أسبابها:
• المركزية السياسية الأموية: لم تحتمل الدولة الأموية وجود أي سلطة موازية، خاصة سلطة تتحكم بالزمن. فتم إلغاء "الكبس" لتركيز كل السلطة في يد الخليفة الذي يعلن بدايات الشهور.
• الشيطنة والوصم: تم الخلط عمداً بين دور "القلمس" العالِم، وجريمة "النسيء" السياسية التي كانت ترتكبها جماعات من قادة الحرب. وبهذا، لم يعد "علم القلمسية" مجرد علم غير ضروري، بل أصبح وصمة "كفر" يخشى الجميع الاقتراب منها.
• العنف السياسي: في خضم الفتن والتصفيات التي شهدها العصر الأموي الأول، والتي استهدفت كل رموز السلطات القديمة والمعارضة في الحجاز، من الطبيعي أن يكون آخر القلامسة وسلالته من بين الذين تم تصفيتهم أو طمس ذكرهم بالكامل.
إن انقراض "القلمسية" لم يكن مجرد ضياع لعادة قديمة، بل كان اغتيالاً لعلم عربي أصيل، ومحو لصفحة من تاريخ التقدم العلمي في الجزيرة العربية لصالح هيمنة السياسة على كل شيء، حتى على الزمن.
آلية "الكبس" - استقراء الحقيقة العلمية من الأمم المجاورة والنقوش القديمة
بعد أن فصلنا بشكل قاطع بين جريمة "النسيء" السياسية وضرورة "الكبس" العلمية، نصل إلى السؤال الجوهري: كيف كانت الآلية الحقيقية التي اتبعها العرب لضبط تقويمهم؟ إن الإجابة لا تكمن في الروايات المشوشة التي دمجت العلم بالجريمة، بل في استقراء المنطق الحسابي، والمقارنة مع الأمم السامية المجاورة، وقراءة الأدلة الأثرية على حقيقتها.
- الحتمية الحسابية ودقة "القلمس"
إن فكرة إضافة شهر كامل كل ثلاث سنوات هي تبسيط مخلّ. فالفارق الحقيقي بين السنة الشمسية (≈365.25 يوم) والسنة القمرية (≈354.37 يوم) هو حوالي 10.88 يوم سنوياً. وهذا يعني أن الفارق بعد ثلاث سنوات يصبح 32.64 يوماً.
هذا الرقم يكشف حقيقتين دامغتين:
• الفارق ليس شهراً قمرياً كاملاً بالضبط (الذي يتراوح بين 29 و 30 يوماً).
• الحاجة لحسابات دقيقة: لا يمكن إضافة شهر بشكل عشوائي، وإلا فإن التقويم سيفقد دقته بسرعة. هذا يستلزم وجود خبراء حقيقيين في الحساب والفلك - وهم القلامسة - قادرين على تحديد اللحظة المثلى لإجراء الكبس للحفاظ على التزامن الدقيق مع الفصول.
- آلية الإضافة: "التثنية" لا "الاختراع"
لم تكن الأمم المتقدمة تخترع شهراً جديداً باسم غريب وتضيفه ليصبح عدد الشهور ثلاثة عشر. هذا الفعل كان سيحدث بلبلة في العقود والتواريخ. بل كانت الآلية المتبعة هي آلية علمية بسيطة وأنيقة: التثنية (Doubling).
كان الشهر الكبيس يُعتبر مجرد فاصلة زمنية (A Temporal Comma) بين دورتين فلكيتين، أو امتداداً لشهر قائم بالفعل. فالشهور الأصلية في السنة دائماً اثنا عشر شهراً.
• النموذج العبراني: أقرب الأمم السامية للعرب، كانوا يحلون المشكلة ببساطة عبر تثنية شهرهم الأخير "آذار" في السنة الكبيسة، فيصبح لديهم "آذار الأول" و "آذار الثاني".
• النموذج العربي المرجح: بالقياس المنطقي، اتبع العرب نفس الآلية. ولكون السنة لديهم تنتهي بذروتها في ذي الحجة وتبدأ دورتها الجديدة في محرم، فمن المرجح أنهم كانوا يثنّون أحد هذين الشهرين عند نقطة الاتصال. فيكون لدينا إما "ذي الحجة الأول" و "ذي الحجة الثاني"، أو الأرجح "محرم الأول" و "محرم الثاني".
بهذه الطريقة، لم يكن هناك شهر اسمه "نسيئة". فلا يقول تاجر "أراك في غرة نسيئة"، بل يقول بوضوح "أراك في غرة محرم الثاني". إن الذي كان يعلن عن هذه التثنية هو "القلمس"، العالِم، وليس "الناسئ" المجرم.
- الدليل الأثري: فرمان سبأ يفضح الجريمة
تقدم لنا نقوش مملكة سبأ الدليل المادي الذي يفصل بين الحدثين. فالنقوش التي تتحدث عن تأجيل شهر مقدس لا تصف عملية كبس علمية، بل تصف فرماناً من السلطة السياسية. ولنحلل عناصر هذا الفرمان:
• التوقيت: يصدر القرار قبل بدء موسم الأشهر الحرم.
• الهدف: ليس ضبط السنة، بل تأجيل حرمة شهر واحد من كتلة الأشهر الحرم (المرتبط بالموسم الاقتصادي للحج والتجارة) إلى شهر آخر لاحق في منتصف السنة لا أهمية اقتصادية له (مثل رجب).
• السبب: وجود حملات عسكرية قائمة لا يمكن إيقافها فجأة، وتشتبك مع بداية الموسم الآمن.
• الشهر المرجح للتأجيل: هو شوال، شهر الحصاد والغنائم وبداية الاستعداد لموسم الحج، وتحليله يسمح بالإغارة على الثروات، بينما يُعوض بشهر لاحق كرجب.
هذا النقش يصف بدقة متناهية جريمة "النسيء" السياسية التي ذمها القرآن: اتفاق بين جماعة من القادة على التلاعب بالزمن لمصالح حربية، وهو فعل يختلف كلياً عن المهمة العلمية الدورية التي كان يقوم بها "القلمس" لضبط تقويم الأمة كلها.
رحلة الشتاء والصيف: البرهان القرآني المستبين على فصلية التقويم
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
"لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ" (سورة قريش)
هذه السورة القصيرة هي وثيقة اقتصادية واجتماعية إلهية تكشف عن طبيعة حياة العرب وتؤكد النقاط التالية:
- التوصيف الزمني بالظاهرة المناخية (وليس باسم الشهر)
لم يقل الله تعالى "رحلة جمادى ورمضان" أو أي أسماء شهور أخرى. لقد استخدم التوصيف المناخي المباشر والثابت: الشتاء و الصيف. هذا الإقرار الإلهي يثبت أن المواقيت الحقيقية التي كانت تحكم أهم نشاط اقتصادي لقريش (وللعرب) هي المواقيت الفصلية. فالدورة الاقتصادية مرتبطة بالفصول، لا بأسماء شهور تائهة.
- استحالة التخطيط والتنفيذ بدون تقويم فصلي
فكما يتضح لكل ذي لب، إن رحلات تجارية بهذا الحجم ليست نزهات عفوية، بل هي مشاريع اقتصادية ضخمة تتطلب:
• تخطيطاً طويل الأمد: يستلزم شهوراً من جمع البضائع، وتجهيز القوافل، وتوفير التمويل، وعقد الاتفاقيات.
• معرفة دقيقة بالوجهات: كانت رحلة الشتاء تتجه جنوباً إلى اليمن الدافئة، ورحلة الصيف شمالاً إلى الشام المعتدلة. هذا الاختيار مبني على علم بالمناخ في كل منطقة خلال كل فصل.
• نظاماً زمنياً موثوقاً: كيف يمكن لقريش أن تخطط "لرحلة الشتاء" بعد ستة أشهر من الآن إذا كان التقويم الذي تستخدمه لا يضمن أن تلك الفترة ستكون في الشتاء فعلاً؟ إن التقويم القمري الدائر يجعل من هذا التخطيط ضرباً من العبث. فلا يمكن تحديد موعد لحدث موسمي باستخدام مقياس زمني غير موسمي.
- "الإيلاف" كدليل على التنظيم المتقدم
كلمة "إيلاف" لا تعني مجرد "العادة"، بل تشير إلى نظام من العهود والمواثيق والمعاهدات التجارية التي عقدتها قريش مع القبائل على طول طرق التجارة لتأمين قوافلها. هذا المستوى من التنظيم السياسي والاقتصادي يستحيل أن يقوم على الفوضى الزمنية. إنه دليل على أمة محترفة تخطط بدقة، وتعرف متى تذهب، وأين تذهب، وكيف تؤمّن رحلتها. وكما ذكرت، هذه ليست صفات "دواب" تنتظر الشعور بالبرد أو الحر لتقرر، بل هي صفات مجتمع منظم يدير حياته وفق "خريطة زمنية" ثابتة تتوافق مع الفصول.
الخلاصة: تكامل الأدلة
إن برهان "رحلة الشتاء والصيف" يتكامل بشكل مذهل مع الأدلة التي استعرضنها وثيقة "التقويم الكوني":
• الدليل اللغوي: أسماء الشهور (رمضان، جمادى، الربيع) تصرخ بفصليتها. وسورة قريش تؤكد أن هذه الفصلية كانت هي أساس التخطيط الاقتصادي.
• الدليل الاقتصادي: حياة العرب كأمة منتجة تعتمد على الزراعة والتجارة. وسورة قريش تقدم المثال القرآني الأبرز على هذه التجارة الموسمية المنظمة.
• مفهوم المواقيت: الأهلة هي "مواقيت للناس والحج". وسورة قريش ترينا مثالاً تطبيقياً على هذه المواقيت التي تخدم حياة الناس اليومية والاقتصادية، والتي لا يمكن أن تكون إلا فصلية.
إن هذه الإضافة حاسمة لأنها تأتي بالدليل المباشر من القرآن على أن الدورة الاقتصادية للعرب كانت دورة شتوية-صيفية، وهذا يستلزم بالضرورة المنطقية والحتمية استخدام تقويم ثابت مع الفصول.
التحليل القرآني لمفهوم "الأشهر الحرم" كوحدة زمنية واحدة
إن التدبر في الآيات التي تتناول هذا الموضوع يكشف عن نظام متكامل له غاية ووظيفة، وليس مجرد تحريم مجرد للقتال.
- الأشهر الحرم كـ "كتلة زمنية" متصلة (The Sacred Months as a Cohesive Block)
إن الدليل اللغوي الأقوى على أن الأشهر الحرم تشكل فترة زمنية متصلة يأتي من سورة التوبة:
"فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ..." (التوبة: 5)
• التحليل اللغوي الدقيق لكلمة "انسلخ":
o الفعل "انسلخ" يأتي من الجذر (س ل خ)، الذي يعني إزالة الجلد عن الذبيحة كقطعة واحدة. هذا الاستخدام البلاغي في غاية الدقة، فهو لا يعني مجرد "انتهاء" أو "انقضاء" الأشهر شهراً بعد شهر. بل يشير إلى انسلاخ وانكشاف فترة زمنية كاملة ومتصلة كوحدة واحدة.
o إن استخدام الفعل المفرد "انسلخ" مع الفاعل الجمع "الأشهر الحرم" يعزز هذا المفهوم، حيث يتم التعامل مع هذه الأشهر ككتلة واحدة وموسم واحد ينسلخ وينتهي دفعة واحدة. هذا يدعم بقوة فكرتك بأنها "كتلة واحدة"
o وليست مجرد أشهر متفرقة.
- وظيفة الأشهر الحرم: نظام اقتصادي واجتماعي وأمني (The Function of the Sacred Months)
القرآن لا يترك غاية هذا التحريم غامضة، بل يربطها بشكل مباشر بمقومات حياة الناس وأمنهم ومصالحهم، وهو ما يظهر جليًا في سورة المائدة.
"يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا..." (المائدة: 2)
• التحليل السياقي للآية:
o تضع الآية "الشهر الحرام" ضمن منظومة متكاملة من الحرمات التي لا يجوز انتهاكها: شعائر الله، الهدي (الأنعام المعدة للذبح في الحج)، القلائد (الأنعام الموسومة والمعلمة بأنها مخصصة للحج)، وقاصدو البيت الحرام.
o هذا الربط المباشر يثبت أن حرمة الشهر ليست هدفًا بحد ذاتها، بل هي الضمانة الزمنية اللازمة لتأمين "شعائر الله" و"الحج".
o الغاية من قصد البيت الحرام محددة بوضوح: "يبتغون فضلًا من ربهم ورضوانًا". كلمة
"فضل" في القرآن غالبًا ما تشير إلى الرزق والمنافع المادية والتجارة ، بينما يشير
"رضوان" إلى المقصد الروحي. إذن، الشهر الحرام هو البيئة الآمنة التي تسمح بازدهار الموسم الاقتصادي-الروحي الأكبر للأمة.
وتتأكد هذه الوظيفة في آية أخرى من نفس السورة:
"جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ..." (المائدة: 97)
• التحليل اللغوي لكلمة "قيامًا للناس":
o كلمة "قيامًا" تعني ما به يقوم الشيء ويستقيم ويستقر. أي أن الله جعل هذه المنظومة (المكان: الكعبة، والزمان: الشهر الحرام، والشعيرة: الهدي والقلائد) أساسًا تقوم عليه حياة الناس ومصالحهم واستقرار مجتمعهم. هذا التعريف القرآني يبعد مفهوم الشهر الحرام عن كونه مجرد طقس تعبدي، ويرسخه كقانون إلهي لتنظيم حياة الأمة وحماية اقتصادها.
- عدد الأشهر الحرم ومبدأ القصاص (The Number and Sanctity of the Months)
• العدد: يحدد القرآن بوضوح عدد هذه الأشهر دون تسميتها صراحة في آية التوبة:
"إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ..." (التوبة: 36)
o وصف هذا النظام بأنه "الدين القيم" وربطه بـ "يوم خلق السماوات والأرض" يؤكد أنه قانون كوني ثابت وليس مجرد تشريع طارئ.
• القداسة والقصاص: حرمة هذه الأشهر مقدسة لدرجة أن انتهاكها يستوجب قصاصًا مماثلًا، مما يدل على ضرورة احترامها بشكل متبادل لضمان استمرارية النظام.
"الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ..." (البقرة: 194)
o هنا، استخدام الصيغة المفردة "الشهر الحرام" يشير إلى أن حرمة أي شهر من هذه الأشهر الأربعة تقابلها حرمة مماثلة، وأن الاعتداء في هذا الزمن يستوجب ردًا عادلًا.
خلاصة التحليل القرآني الصرف:
بالنظر إلى الآيات مجتمعة، وبتجريد الفهم عن الموروث، تتشكل الصورة التالية:
- كتلة متصلة: يوجد في السنة "أربعة أشهر حرم" تشكل على الأرجح موسمًا متصلًا، كما توحي بلاغة كلمة "انسلخ".
- وظيفة حياتية: هذه الأشهر ليست محرمة لذاتها، بل هي الإطار الزمني الآمن الذي وضعه الله كـ "قيام للناس" ، أي كأساس لاستقرار حياتهم.
- مرتبطة بالحج والتجارة: حرمة هذه الفترة مرتبطة عضويًا بتأمين شعائر الحج، وحركة قوافل الحجاج والتجارة ("الهدي والقلائد" وابتغاء "الفضل والرضوان").
- نظام إلهي ثابت: هذا النظام جزء من "الدين القيم" الأزلي الذي وضعه الله في الكون لضبط حياة الناس ومصالحهم.
إن هذا الفهم، المستنبط من لغة القرآن وسياقه الداخلي فقط، يقدم رؤية للتقويم والشعائر كجزء لا يتجزأ من نظام الحياة الواقعي والمنتج، بعيدًا عن الفهم الطقوسي المنفصل عن الواقع.