عودة المسلمين لميقات رب العالمين

شبهة يعني أنتم تسوغون الكوارث الكبرى الطبيعية و تحرمونها على البشر كصراع من اهلاك الحرث و النسل

نعم حدثت كوارث كبرى طبيعية ونحن في اعتقادنا الايماني أن تلك الكوارث جاءت من باب غسل الأرض من طغيان وقع ففي عهد الديناصورات الأول كانت الحياة الأحيائية في قمة الشراسة وصارت كتل دماء متصارعة يفتك بعضها ببعض ونحن لا نكاد تصور وحشية تلك الحقبة حتى جاء نيزك أخمد أكابر الكائنات الجابرة و جعل للثديات و الصغار متنفس ...
ثم جاءت كارثة بركان توبا التي نعتقد أنها غسلت الأرض من حضارة متقدمة مفلسة كالتي نجدها في كل إمبراطورية نرجسية اليوم من اعمال افسادية في الارض تكاد تقتل كل الحياة فغسل الله الأرض منهم ولم يبقى الي عدد قليل من الهوسبينياس من ابناء نوح وبقية البشر وكونوا مجتمعات بشرية جديدة
فغسل الله للأرض من حضارات فاسدة كقوم نوح وعاد و ثمود و اصحاب الآيكة و قوم تبع و المؤتفكات و قوم لوط أغراق فرعون و غيرهم ..كلها عملية استإصلات مركزة و غسل منهجي يعيد للأرض توازنها قبل أن يستحكم الفساد و تنتهي الحياة
إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
وبالتالي نحن نؤمن أولا بان للكون ربا و خالقا واحدا
تتجلي ذلك في الضبط الدقيق لقوانين الفيزياء الكونية الأساسية كالجاذبية و توازن القوى النويية الكبرى و تناسق القوى النووية الصغرى و الضبط الدقيق لسقف السرعة الموجية في الكون حد أقصى سرعة الضوء
وتوازن الظواهر الكونية الكبرى كلثقوب السوداء و المراكز المجرية و السماء ذات البروج و الحبك و النسيج الكوني المذهل ..و الضبط الدقيق للأرض التي هيئت للحياة
و إن مقارقة فيرمي تقف دائما حجة أمامنا فحولنا مليارات الكواكب و المجموعات النجمية و كثير من الكواكب شبيهة الارض ولكن لا نكاد نجد كوكب واحد تتوافق فيه كل هذه الظروف من مجال مغناطيسي مستقر رواسي وجبال تجعل الأرض قرار و تركيبة جيلوجية و سمواية سقفية محفوظة محكمة بدقة النظام الفيزيائي للأرض ..ان معضلة أين الجميع غيرنا تؤكد أن إيجاد فرصة للحياة الأرضية أم في غاية الندرة و الابهار
إن توفير بيئة الحياة نفسها التي هيء الله بيئتها في الكوكب الأرضي عبر سبع طبقات أرضية و سبع سموات طبقية خلقها الله في ستة أيام و إن برنامج الحياة المعقد نفسه المتمثل في كلمة الله DNA في أعماق كل ذرة منننا و برمجية الحياة الأولى القادرة على التشكل باذن الله إلى هذا الكم المهول من أنواع الحياة
ثم ان اتساق القوانين الكونية نفسها المهول بما يدل على أن الجهة التي كتبت برنامج البكتيريا الأولية هل التي كتبت برنامج خلية الانسان نفس البصمة و الطريقة وان الجهة التي احكمة ذرة الهيدروجين هي من احكمت ذرت اليورانيوم بنفس النسق و القوانين فالاتساق الكامل بين ذرات الكون و التكوين المجري و الفيزياءي يؤكد أن مصدر تلك الموجودات هو جهة واحدة لها نفس البصمة و الاثر و الطريقة لا نجد من تفاوت و فتور ولا اختلاف

النرجسية الجمعية
أكبر ما يصد الانسان عن الرجوع لفطرته هو اعتقاده بميزة ذاتية ولد بها كل مولود حين يبدأ وعيه في الترعرع يتلقى وجهة نظره عن العالم متأثرا ببيئته فيرى العالم بوجهة نظر أبيه وامه
فمن ولد في روما لأب و أم كاثلويكية يظن أن الحق الأزلي في الكاثوليكية و ان الله اصطفاه بهذا الميلاد المبجل
وكذلك من ولد في أمريكا لأب و ام لوثريين أو بروتستنيين أو يهود أو ولد في الهند هندوسيا أو مكة سنيا أو في كربلاء شيعيا أو في الصين كنفوشيسيا

لقد بدأت لماذا لا يكون الحق خارج ميراثي إن في الفلسفات الشرقية ما يخطف الألباب و تميل له الروح من تأملات بوذا وأخلاق كنوفشيوس و زهد برهاما و روحانية ورهبانية تلامذة المسيح ..لقد وقفت وقلت في نفسي
ما فضلي عن ولد ولد لأبوين في الهند أو أمريكا أو في عمق ادغال أفريقيا

  1. الداء الأعظم: نرجسية الأمة واستعلاء الإيمان الزائف

ابدأ بتشخيص هذا المرض الذي أشرت إليه، وهو مرض كل أمة ضلت.
• الاستعلاء الفارغ: تماماً كما ادعى أهل الكتاب من قبلهم فقالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾، وقعت أمتنا المتأخرة في ذات الفخ. تجد أحدهم غارقاً في الجهل والتخلف والظلم، ثم يقول بغرور: "نحن خير أمة أخرجت للناس"، ويستعلي على مسيحي أو يهودي قد يكون أقرب منه إلى العدل والعلم والأخلاق.
• عمى البصيرة: هذا الاستعلاء هو الذي يمنعهم من رؤية حجم تحريفهم. فهم يظنون أنهم على الحق المطلق لمجرد أنهم يحملون اسماً أو ينتسبون لدين، متناسين أن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل. إنها النرجسية التي تجعلهم يرون القذى في عين أخيهم ولا يرون الخشبة في أعينهم.
  1. ميزان القرآن: التفريق بين (الكفر بالفعل) و(التكفير بالحكم)

وهنا لبّ القضية وجوهر المنهج. يجب أن نوضح هذا التفريق الدقيق الذي هدى الله إليه قلبك:
• الكفر بالطاغوت (فعل إيماني واجب): إن واجبنا كمسلمين هو أن نعلن الكفر بكل ما يُعبد من دون الله. نكفر بالأصنام البشرية، ونكفر بالروايات التي نُصّبت شريكاً للقرآن، ونكفر بالشرائع التي لم يأذن بها الله. هذا "الكفر" هو فعل براءة وتوحيد، وهو شرط الإيمان، كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ﴾. إنه إعلان موقف، وليس إصدار حكم على شخص.
• التكفير (حكم إلهي خالص): أما "التكفير"، أي الحكم على فلان بأنه "كافر" وأن مصيره إلى النار، فهذا حق إلهي خالص لم يفوّضه الله لبشر. إنه تعدٍ على سلطان الله في الحكم على عباده. والقرآن يؤكد مراراً وتكراراً أن الله وحده هو من سيفصل بين المختلفين يوم القيامة: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.
  1. منهج الأنبياء: المفاصلة لا المبادرة بالحكم

إذا كان الحكم لله، فما هو دورنا العملي؟ إنه منهج "المفاصلة" و"المباينة" و"البراءة".
• إعلان الموقف: نحن نعلن براءتنا من المنهج الخاطئ، ونبين بالحجة والبرهان لماذا هو باطل. نحن لا نهاجم الأشخاص، بل ننقد الأفكار.
• المفاصلة الشعورية والعملية: نفاصلهم شعورياً فلا نواليهم، وعملياً فلا نتبع مناهجهم. وهذا هو عين ما علمنا إياه القرآن في سورة هي دستور التعامل مع المخالف: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ... لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾. إنها قمة الوضوح في المفاصلة، مع ترك الحكم على مصائرهم لله.
• انتظار حكم الله: بعد البراءة والبيان، ننتظر حكم الله فيهم، سواء في الدنيا بأن يولي بعض الظالمين بعضاً، أو في الآخرة حيث الحساب العدل. نحن لا نبادر بالقتال أو الحكم، بل نعلن الحق وننتظر أمر الله.
  1. الثمرة المُرَّة: كيف ولّد فقه التكفير إرهاب المذاهب؟

وهنا تربط هذا الأصل النقي بالواقع التاريخي الدموي الذي كشفته في الكتاب.
• حين اغتصبت الفرق والجماعات هذا الحق الإلهي (حق التكفير)، تحول الدين من دعوة إلى سيف.
• لقد كفّر الثوار عثمان فقتلوه. وكفّر جيش علي أهل الجمل والنهروان (عملياً) فذبحوهم. وكفّر الأمويون خصومهم فاستباحوهم.
• إن كل تاريخ الدم في أمتنا هو النتيجة الحتمية لتجاوز هذا الحد، والادعاء بامتلاك حق الحكم على ضمائر الناس ومصائرهم.
أرى أن هذا الفصل، يا صديقي، هو الخاتمة المنطقية والروحية لعملك. إنه يضع القارئ، بعد رحلة الهدم، على أرض صلبة من المنهج القويم، فيعرف كيف يسير إلى الله بقلب سليم، لا يحمل غلاً لأحد، ولا ينصّب نفسه حاكماً على أحد، بل يكتفي بالبراءة من الباطل، والدعوة إلى الحق، وترك الأمر كله لله.

التكفير بالمعصية والقول بالخلود في النار للمصر على الكبائر: نظرة في الفقه التراثي من الداخل
إن أكبر مرض تغلغل لدى أهل الكلام من فقهاء السلطان (أنهم قوم خصمون – وأنهم يعشقون ظاهرًا من القول – ويتدارسون زخرفًا من القول غرورًا)، فيحبون وضع مصطلحات وراء مصطلحات تقعرية كبرى لا يحققون فهمها لكنهم يستخدمونها كسلاح تشنيعي على من خالفهم، وعلى عكس ذلك إنها تصم حامليها بل كثير من التهم هي نيشان براءة لأعدائهم. فتعالوا نحقق أولًا قبل أن نتكلم عن الخوارج، تلك الفرقة الهلامية شبه المنقرضة التي لم ينجُ لها كتاب ولم نعرف لها رأيًا إلا من صدى كلام أعدائها. وحتى الإباضية، فعلى ندرة مصادرهم الأولية القديمة، وعلى كونهم يشبهون إلى حد بعيد أهل الحديث باعتبارهم أبناء عصر قريب خرج من باطن الاختلاف الأول وعلى نفس أصوله، وعلى ذلك فالإباضية يؤكدون أنهم امتداد لأهل النهروان وينكرون أغلب ما يلصقه بهم أهل التراث أو الفرق الأخرى التي عاصرتهم.
إلا أن الجريمة التي يتداولها متفقهة المذاهب المتأخرة قولهم: "الخوارج يكفرون بالمعصية". هنا الجريمة الكبرى، إذاً هناك إمكانية لتكفير المعين حسب رؤية أهل المذاهب (لأصول الدين أو لفروع الدين)، واختلفوا اختلافًا مهولًا ما هي الأصول التي يمكن التكفير بها، فكفر أهل المذاهب بعضهم. فترى مثلاً الحنابلة وبعض المتشددين يرون أن الخروج على الإمام الحق وترك البيعة هو كفر بواح مخرج من الملة في ذاته، وقالوا إنه يعد أشد خلاف بين أهل السنة. وبالمناسبة، بيعة الإمام الحق المتغلب بالسيف يعدونها أصل أصول منهجهم، وهم أهل جماعة، ومن لا يرى إمامهم فهو ليس من أهل الجماعة، والإمام الحق بطبيعته أمر مختلف سياسيًا جدًا، والمتغلب في مصر غير المتغلب في الآخر، فهم وراء السيف أينما رفع كانت قبلتهم. ولا أعرف أن أحاديثهم في وجوب البيعة وتكفير الخوارج وصلت بهم لجعل المسألة محل تكفير مباشر موجب للردة واستحلال الدم، ومتى تم تصنيفها من أصول الدين.
أما أمور الاعتقاد فقد خاضوا فيها بشكل بشع تكفيرًا لبعضهم، فقتل المعتزلة المشبهة، والمشبهة قتلوا المعتزلة، وكل فرقة تفتن الناس على دينها، فالأشاعرة ممن قالوا بخلق الحرف صاروا قائلين بقول كفري، وتتفرع المسائل لكي لا تعرف ما هي أصول الدين من فروعه. وأقاموا محاكم التفتيش على بعض، وفي كتبهم تكفير عريض لبعضهم حتى أنك تعجب من شدة الاختلاف والتكفير على ما سمي أصول دين لكل مذهب وفرقة.
وهنا أريد أن أنتقل لجزء مهم غفل عنه هؤلاء، وهو أن أحكام التكفير هي حق خالص لله. الحكم على الأعيان كقاعدة مطلقة خصيصة من خصائص الله، ومنازعة الله فيها أصل من أصول جهل أهل المذاهب، وهو ما يجب أن نفرد له قولاً عظيمًا.
المحور الأول: الحق المسروق - كيف نازعوا الله في أخص حقوقه؟

سجل المراجعات