عودة المسلمين لميقات رب العالمين

مطلع الضلال و سنة الابتلاء

قبل أن أجنح لتفسير مراحل الفتنة التي انهارت فيها ايام العزة الإسلامية بعد ما أرنا الله ما نحب من نصر عزيز من فئة مؤمنة قليلة ضعيفة في بدر إلى انتصار مدوي على صناديد جاهلية العرب ثم أكابر أمم المشرق والمغرب حتى افنوا الأكاسرة و اخضعوا القياصرة .
فكيف بعد هذه الاستنارة العظيمة وقعت الكارثة بعد بضع واربعون عام من النبوة
فلنقرأ القرأن لنفهم لماذا حدث ذلك و متى و كيف يحدث هذا الانهيار
ك و يقول الله تعالى : كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ
و يقول الله تعالى : وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
و يقول الله تعالى : وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
و و يقول الله تعالى : َلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
و يقول الله تعالى : وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
و يقول الله تعالى : وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
و يقول الله تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ
بل سورة البينة كاملة توضح
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ () رَسُولٞ مِّنَ ٱللَّهِ يَتۡلُواْ صُحُفٗا مُّطَهَّرَةٗ ﰁ فِيهَا كُتُبٞ قَيِّمَةٞ ()وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ ()وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ ()

هذه الأيات تؤكد الحقائق التالية
1- يأتي الانبياء والرسل في وقت ظلام دامس فيأتون بالهدى الكامل وبعد ان تكون فئة مؤمنة واحدة تقع سنة الاختلاف
2- الاختلاف سببه تقاتلهم على مطامع الدنيا و أهوائهم الشخصيهم و اغراضهم النرجسية لكل مجموعة تريد ما لها ولا تريد أن تقدم ما عليها تأخذ من الحق ما يوافق مصالحها و تنبذ الاخر ..فهم كالذي أمن ببعض الكتاب وكفر ببعض فجاءه خزي الدنيا و الأخرة كمن يخاف ان يحيف الله عليهم ورسوله
3- دفعهم الاختلاف والهوى للبغي ثم الحكم بغير ما أنزل الله ثم شرك التشريع الكذب على الله .
4- تبيان أن حقيقة اختلافهم هي كفر وإيمان و ضلال و هدى و حق و باطل و ليس اختلاف فرعي
5- حتى و إن بدأ الأمر بفتنة اقتتال تأويل بين فئتان مؤمنتان فوجب الاصلاح بينهما و ان وجدت طائفة مصرة على عدم الصلح واصرت في البيغ تقاتل حتى تفيء و التمخض القدري الواضح في القرأن ان بغيها يتحول لكفر كامل و ان موقف المؤمنين لم يكن الاعتزال بل قتال الفئة الباغية .
6- اختلاف التأويل يكون على أمور مشتبهة و خلافات قد تكون مالية أو موردية بسيطة أما وصل الاختلاف ليتحول إلى تبديل أحكام الله الواضحات فهو صراع كفر و إيمان
7- أن هذا الاختلاف بإراداة الله وحكمته فلو شاء ما اقتتلوا ولكن منهم من أمن و منهم من كفر ..
وهذا مصداق قول الله تعالى ..
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
فمن السجاجة بمكان أن يظن المؤمنين انهم سيأمنون من اعادة سنة الابتلاء
ان المؤمنين في كل زمان ستعود الفتنة تحدث و يصيروا قلة و يبتلون بالبأساء و الضراء انها حقيقة دائمة التكرار في دورة أزلية يجب أن نفهمها جيدا لعلنا نحظى بالنجاح و نيل شرف القرب من الله

و بعد أن عرفنا الخطوط العريضة أن الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستقع حتما فيهم اختلاف و صراع
وان سنة لابتلاء فيمن بعدهم سارية فلنرى كيف حدث الانهيار بعد البدر التمام

سجل المراجعات