عودة المسلمين لميقات رب العالمين

هل الصحابة كلهم عدول ثقات ؟

هل كل من عاصر محمد صحابي عدل ثقة و كل من له نسب أو سبط للنبي هو من آله و كلهم عدول ثقات
أقول أن هذا القول بين باطل البطلان من كل وجه
و ما قال هؤلاء بهذا القول إلا لأن الإيمان عندهم حالة ظاهرية وراثية أو مكانية وليس صفات و أعمال تقوم
فالله جل وعلا قال على ابن نوح ( إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم اني أعظك أن تكون من الجاهلين )
بالتالي لم يكن الايمان لديهم صفات
و القرأن الإيمان فيه صفات و أعمال وبالتالي كان الوعد بالنجاة شرطه العمل
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
أولا كما أسلفنا إن المقربين من النبي صلى الله عليه و السابقون مزكون بتزكية الله و كانت تزكية صفات فمن توالهم النبي و قربهم من احبائه و المهاجرين و الانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة لا شك أنهم نواة كل خير للأمة واخلصها وهم مزكون بالقرأن و من ينكر ذلك من العلمانيون أو الشيعة الثوريون أو كانا من كان ضال ضلال بين
وعلى النقيض وهو الاهم
أن من قال كل من ثبت له رؤية و صحبه مؤمن فهذا أيضا ضال مكذب للقرأن لماذا لان القرأن تكلم كثيرا جدا عن المنافقين المعاصرين للنبي ممن قالوا أمنا باوفههم و لم تؤمن قلوبهم و هم كثر جدا وصنوف طال ذكرها في القرأن وعانى النبي محمد صلى الله عليه وسلم منهم كثيرا في حياته
فإنما أراد المبدلين أن يقروا مبدأ الصحبة بمجرد الرءية ليخلوا لهم الجو لتلميع المجرمين من أئمتهم الذين أصلوا لهم عبادة العجل و الغلو في البقرة من المانفقين و المضلين المنافقين وعلماء السوء أمثال السامري
وهذا القول خطير جدا
وعلى النقيض الشيعة التي الذين اردوا ان يجعلوا الإمامة وراثة سبطية واحمد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له أولاد ذكور لأن الفتنة كانت لتكون أكبر بكثير جدا من كون هناك أفحاد سبطية من ابنته صلى الله عليه وسلم لأن المجتمعات الذكورية تستقر فيه عملية التوريث الملكية و التوريث القبائلية و العصبية بشكل خطير قد يرؤدي لضياع الحق
فالوراثة و الإمامة كانت ولازالت صفات و ليست عصب او سبط أو مجرد صحبة بل ان من وارث إمامة يعقوب لم يكن أكبر اولاده و كان أقربهم للعلم والحق و لم يرث سليمان داود إلا ان اته الله علما وحكمة و لم يولي الله داود إلا اتاه الله الملك بنص عن طريق نبيهم كوحي إلهي حتى اعترض أصحاب القوة و المنعة و النسب قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه و لم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء فالملك اصطفاء عل اساس العلم و الإيمان و العقل و الحكمة و صحة الجسد ظاهرا و باطنا
ومن رحمة الله انه لم يبتلي الأمة بالابتلاء بوجود أولاد ذكور للنبي محمد صلى الله عليهم سلم لأنه كان سيستحي المؤمنون أن يرشحوا أحد أمامهم حتى لو كان أفضل منهم إيمانيا و علميا و جسديا توقيرا لرسول الله وعفى الله الأمة من هذه الفتنة والحمد لله
فالله جل و علا قال مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
المهم أن النبي كانت هناك في عصره الكثير من المنافقين وكانوا في وفرة بل بنوا مسجدا منوئا وهو مسجد الضرار و خاضوا في عرض زوجته الطاهرة
وفعلوا الأفاعيل فأن كانوا بهذه الكثرة في حياة النبي فما بالك بعد موته
وإنما أراد التراثيون دس هذه القاعدة ليوقروا بعض المجرمين ويجعلوا هذه القاعدة حائطا منيعا لتمرير تشريعاتهم بقولهم هذا خال المؤمنين وهذا ابن عم المؤمنين و هذا ما ارعف ايه

الفصل العشرون: "فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم" - حين تكون جراحة الأمة عين الرحمة
مقدمة: شبهة في وجه الكمال الإلهي
يا أخي الباحث عن الحق، حين يقرأ المرء في كتاب الله قوله تعالى في شأن بني إسرائيل بعد عبادتهم العجل: ﴿...فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ...﴾، قد يقع في قلبه ارتباك، وقد يجد فيها المشككون شبهة يلقونها في وجه الدين. يتساءلون: كيف يأمر الله، الرحمن الرحيم، بالانتحار الجماعي، وهو الذي حرم قتل النفس؟
إن هذا السؤال، الذي ينطلق من فطرة سليمة، لا يكشف عن تناقض في كتاب الله، حاشاه، بل يكشف عن عمق الفجوة بين فهمنا السطحي الذي ورثناه من "ترجمانات القرآن"، وبين الحكمة البالغة التي أودعها الله في كلماته. إن حل هذا الإشكال لا يكون باللجوء إلى الروايات المتضاربة، بل بالعودة إلى الأصل، إلى القرآن نفسه، ليفسر بعضه بعضًا، ويكشف عن منهجه في تطهير جماعة المؤمنين من أعظم ذنب: الشرك بالله.

  1. المفتاح القرآني: الأمة جسد واحد وقتل بعضها قتلٌ لنفسها

قبل أن نغوص في آية عبادة العجل، يجب أن نؤسس قاعدة قرآنية هي مفتاح الفهم كله. إن القرآن، في بيانه المعجز، يتعامل مع الأمة المؤمنة ككيان واحد، ونفس واحدة. فالاقتتال الداخلي بين أبناء الأمة الواحدة هو في ميزان الله قتلٌ للنفس. والدليل على ذلك قاطع في نفس سورة البقرة، حين وبّخ الله بني إسرائيل على حروبهم الأهلية فقال:
﴿ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ...﴾ [البقرة: 85]
إنهم لم ينتحروا، بل كان فريق منهم يقاتل فريقًا آخر. فوصف الله هذا الفعل بأنه "قتل للنفس" هو إعلان بأن وحدة الأمة تجعل من الاقتتال الداخلي عملية تدمير ذاتي. هذا هو المفتاح اللغوي والمنهجي الذي به نفهم الأمر الإلهي.
  1. تشخيص الداء: جريمة شرك علنية لا معصية فردية

لنعد الآن إلى سياق الآية. إن ما فعله بنو إسرائيل لم يكن معصية فردية في الخفاء، بل كان جريمة جماعية علنية هزت أركان الأمة:
• شرك بواح: لقد اتخذوا العجل إلهًا من دون الله، وهو أعظم ذنب عُصي الله به.
• انقسام الأمة: لقد انقسمت الأمة بسبب هذا الفعل إلى فريقين: فئة قليلة ثبتت على التوحيد مع هارون، وأكثرية ضلت وراء السامري وعجله.
• سرطان يهدد بالهلاك: هذا الشرك كان كمرض السرطان الذي إن تُرك في الجسد، أهلكه كله. فلو استمروا على ذلك، لحق بهم الهلاك جميعًا.
إن توبة من هذه الجريمة الكبرى لا يمكن أن تكون مجرد كلمات استغفار، بل لا بد لها من عمل جذري يثبت صدق التوبة، ويستأصل شأفة الشرك من جسد الأمة.
  1. الأمر الإلهي: جراحة تطهير لا دعوة للانتحار

بناءً على هذا الفهم، نتدبر الأمر الإلهي:
﴿...فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ...﴾ [البقرة: 54]
إن الأمر هنا لم يكن انتحارًا، بل كان حلاً جراحيًا مؤلمًا ولكنه ضروري. لقد كان أمرًا للفئة المؤمنة التي لم تشرك، بأن تقوم بواجبها في تطهير الأمة، فتقاتل الفئة المشركة التي أصرت على عبادة العجل. هذا الاقتتال الداخلي بين أبناء الجسد الواحد هو ما عبر عنه القرآن بـ"اقتلوا أنفسكم". كان على المؤمنين أن يقيموا حكم الله في إخوانهم وأقربائهم الذين أصروا على الشرك، لكي يطهروا المجتمع ويعيدوه إلى حظيرة التوحيد.
ولذلك قال الله بعدها مباشرة: ﴿ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾. نعم، هو خير لهم، لأن موت جزء مريض من الجسد ليعيش الباقي سليمًا، خيرٌ من هلاك الجسد كله بالمرض.
  1. البرهان من قصة هارون: أولوية التوحيد على الوحدة الزائفة

إن ما يؤكد هذا الفهم هو الحوار الذي دار بين موسى وهارون عليهما السلام. لقد كان عذر هارون في سكوته عن الفتنة هو خوفه من الفرقة والاقتتال:
﴿...إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ...﴾ [طه: 94]
لقد خاف هارون من "قتل الأنفس" هذا، فآثر الوحدة الشكلية. لكن غضب موسى عليه السلام كان إعلانًا بأن الحفاظ على أصل التوحيد مقدم على أي وحدة زائفة. وأن السكوت على الشرك بحجة "عدم التفرقة" هو خيانة للميثاق، وأن المواجهة كانت واجبة ولو أدت إلى قتال. وهذا هو عين ما فعله الصديق أبو بكر حين قاتل من ارتد ومنع الزكاة، فلم يجامل في حق الله خوفًا من "تفرقة الأمة".
  1. رحمة الله تنسف خرافة الانتحار الجماعي

وفوق كل هذا، فإن رحمة الله التي وسعت كل شيء، والتي نراها في كل صفحة من كتابه، تنسف التفسير الحرفي للانتحار.
• دعوة القتلة للتوبة: تأمل يا أخي في قصة أصحاب الأخدود. بعد أن حرق المجرمون المؤمنين والمؤمنات، وبعد هذه الجريمة التي لا توصف، يفتح الله باب التوبة لقاتليهم أنفسهم، فيقول برحمة لا مثيل لها: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ...﴾ [البروج: 10]. إن في قوله "ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا" دعوة مبطنة ورقيقة لهم للتوبة والنجاة.
• القول اللين لفرعون: والله يأمر موسى وهارون أن يذهبا إلى فرعون الطاغية ويقولا له قولاً لينًا.
فيا للعجب! إذا كان الله، بودّه ورحمته، يفتح باب التوبة لأعتى الطغاة، فكيف يعقل أن يأمر قوماً قد أعلنوا توبتهم بالفعل وندموا على فعلتهم، بأن يقتلوا أنفسهم انتحارًا؟! إنه فهم لا يليق بكمال الله ورحمته.
  1. ميزان العدل: من يُقاتَل ومن يُعزَل؟

وهنا يجب أن ندقق في المنهج القرآني لنعرف حدود هذا القتال.
• القتال ليس ضد الاعتقاد الفردي: القتال لم يشرع ضد من يعتقد في قلبه شيئًا، فـ ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، ولكن ضد من ينصب منكرًا شركيًا علنيًا كالعجل، ويريد أن يفتن به الأمة ويغير دينونتها لله.
• القتال ضد من يدافع عن المنكر: لا يتم قتال إلا من يرفع السيف ليحمي هذا الصنم، ويمنع المؤمنين من إزالته ونسفه، كما فعل موسى بعجل السامري.
• عقوبة رأس الفتنة: أما رأس الفتنة وعالم السوء كالسامري، فكانت عقوبته النفي والعزلة ﴿لَا مِسَاسَ﴾، وهدم بنيانه الفكري بتدمير عجله، ولم يؤمر بقتله ابتداءً.
فالقتال ليس انتقامًا، بل هو عملية تطهير ضرورية لإزالة المنكر العام الذي يهدد أساس المجتمع، وهو موجه فقط ضد القوة التي تحمي هذا المنكر.
الخاتمة: دين الحياة لا دين الهلاك
هكذا، يا أخي في الله، يتضح لنا ببرهان القرآن أن قوله تعالى ﴿فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ﴾ ليس أمرًا بالانتحار، بل هو بيان للمنهج الشرعي الذي كان على بني إسرائيل اتباعه كتوبة عملية من الشرك الجماعي. وهو أن تقوم الفئة المؤمنة بواجبها في تطهير الأمة، فتفاصل وتقاتل الفئة المشركة التي بينهم. هذا القتال هو "قتل للنفس" بمعنى أنه جراحة في جسد الأمة الواحدة. وهذا هو الخير لهم لأنه يستأصل شأفة الشرك ويعيد الأمة إلى فطرة التوحيد.
هذا هو الفهم الذي يليق بجلال القرآن وعدل الله ورحمته، وهو الفهم الذي لا نصل إليه إلا حين نجعل كلام الله هو الحكم، وكفى بالله حكمًا.

سجل المراجعات