عودة المسلمين لميقات رب العالمين

هل البراغماتية الديمقراطية سبيل إلى الله؟

إن فكرة أن الموجة العالمية قد اتجهت نحو "حكم الشعب" والمجالس النيابية كسبيل للوصول إلى السلطة، لا يمكن أن تلتقي مع منهج الأنبياء الحق. فإن كنتم جماعة صادقة في دعوتكم الإلهية، فيجب أن تعلموا أمرين:
• أولاً، إن سبيل الله توقيفي: إن منهج الأنبياء، الذي يبدأ بالبراءة والمفاصلة والدعوة، ثم الهجرة، ثم بناء الدولة والجهاد، هو سبيل توقيفي كامل، ولا يمكن لأهل الإيمان أن يرتضوا طريقاً آخر غيره.
• ثانياً، إن حكم الأكثرية ليس بحكم الله: إنكم تعلمون قول الله تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾، وقوله: ﴿وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾. فهل سيُهتدى بحكم الأغلبية؟ ثم إن الحكم في دولة الإيمان ليس للأكثرية ولا للأقلية، بل الحكم فيها لله وحده، وأمرهم شورى بينهم، أي
شورى بين المؤمنين وليس بين غيرهم.
إن ما يسمى "حكم الشعب" هو مسلسل تعرفون حقيقته؛ مسلسل تشتري فيه مراكز القوى الرأسمالية أصوات الأكثرية والغوغاء، فتتحكم في مصير الأمم أحزابٌ فاسدة غارقة في الفساد. وما مثال الحزبين الجمهوري والديمقراطي في أعرق ديمقراطيات العالم إلا دليل على ذلك؛ فهما حزبان غارقان في الفساد، يحتكران السياسة، وتتحكم فيهما لوبيات اقتصادية وأيديولوجية لا تمثل إلا فئة صغيرة من الشعب. حتى إن أكثر الشعب الأمريكي يكره كليهما، لكنه مجبور ومقهور على هذا المسلسل المبتذل كل أربع سنوات، ليختار بين السيء والأسوأ. ولقد أفرزت هذه الديمقراطية أسوأ الأفكار اليمينية التي تتعارض مع أبسط مبادئ العدالة.
فإذا أردتم أن تدخلوا السياسة، ولا ننصحكم، فلا تتّجروا بالدين وشعاراته، ولا تستميلوا الناس بأنكم "أهل الدين". ولا تورطوا الشباب في صراعات غير عقلانية وغير منطقية مع جهات تعلمون بطشها، وهي صراعات ليست في سبيل الله ولا على سبيل الله.
وتعلموا من التاريخ، تعلموا من تاريخكم المليء بالانتكاسات تلو الانتكاسات، والاستغلال تلو الاستغلال.

سجل المراجعات